للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حديثٌ ثامِنَ عشَرَ لعبدِ اللَّه بن أبي بكرٍ

مالكٌ (١)، عن عبدِ اللَّه بن أبي بكرٍ، عن حُميدِ بن نافع، عن زَيْنبَ بنتِ أبي سَلَمةَ، أنَّها أخبَرتهُ هذه الأحاديثَ الثَّلاثةَ، قالت زَيْنبُ: دَخلتُ على أمِّ حَبِيبةَ زَوْج النَّبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، حينَ تُوُفِّي أبوها، أبو سُفيانَ بن حربٍ، فدَعَتْ أُمُّ حبيبةَ بطِيبٍ فيه صُفرةٌ خلُوقٌ، أو غيرُهُ، فدهَنَتْ به جاريةً، ثُمَّ مَسَحَتْ بعارِضَيْها، ثُمَّ قالت: واللَّه ما لي بالطِّيبِ من حاجةٍ، غيَر أنِّي سَمِعتُ رسُولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقوُل: "لا يحِلُّ لامْرأةٍ تُؤمِنُ باللَّه واليوم الآخِرِ، تُحِدُّ على مَيِّتٍ فوقَ ثَلاثِ ليالٍ، إلّا على زَوْج، أربَعةَ أشْهُرٍ وعَشْرًا".

قالت زينبُ: ثُمَّ دَخَلتُ على زَيْنبَ بنتِ جَحْشٍ زَوْج النَّبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، حينَ تُوُفِّي أخُوها، فدعَتْ بطيبٍ، فمسَّت منهُ، ثُمَّ قالت: واللَّه ما لي بالطِّيبِ من حاجةٍ، غير أنِّي سَمِعتُ رسُولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقوُل: "لا يحِلُّ لامْرأةٍ تُؤمِنُ باللَّه، واليوم الآخِرِ، تُحِدُّ على مَيِّتٍ فوقَ ثلاث إلّا زَوْج، أربَعةَ أشهُرٍ وعشرًا".

قالت زينبُ: وسَمِعتُ أُمِّي أُمَّ سَلَمةَ، زَوْجَ النَّبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- تقوُل: جاءَتِ امرأةٌ إلى رسُولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقالت: يا رسُولَ اللَّه، إنَّ ابْنَتي تُوُفِّي عنها زَوْجُها، وقَدِ اشْتَكَتْ عَيْنيها، أفتُكحِّلُهُما؟ فقال رسُولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا" مرَّتينِ، أو ثلًاثا، كلُّ ذلك يقولُ: "لا". ثُمَّ قال: "إنَّما هي أربَعةُ أشْهُرٍ وعشرًا، وقَدْ كانت إحْداكُنَّ في الجاهِليّةِ تَرْمِي بالبَعْرةِ على رأسِ الحَوْلِ".

قال حُميدُ بن نافع: فقلتُ لزَيْنب: وما تَرْمي بالبَعْرةِ على رأسِ الحولِ؟ فقالت زينبُ: كانتِ المرأةُ إذا تُوُفِّي عنها زَوْجُها، دَخلَتْ حِفشًا (٢)، ولَبِسَتْ شرَّ ثيابِها، ولم تَمسَّ طيبًا، ولا شيئًا، حتّى تمُرَّ بها سَنةٌ، ثُمَّ تُؤتى بدابّةٍ: حِمارٍ، أو شاةٍ، أو


(١) الموطأ ٢/ ١١٢ - ١١٣ (١٧٤٧، ١٧٤٨، ١٧٤٩).
(٢) يأتي بيانه عند المؤلف بعد قليل.

<<  <  ج: ص:  >  >>