للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حدِيثٌ ثانٍ لعلقمةَ بن أبي علقمةَ

مالكٌ (١)، عن عَلْقمةَ بن أبي علقمةَ، عن أُمِّهِ، أنَّها قالت: سمِعتُ عائشةَ تقُولُ: قامَ رسُولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ذاتَ ليلةٍ، فلبِسَ ثِيابهُ، ثُمَّ خرَجَ، قالت: فأمرتُ جارِيتي بَرِيرةَ أن تَتْبعهُ، فتبِعتهُ، حتّى إذا جاءَ البقِيع، فوقَفَ (٢) في أدناهُ ما شاءَ اللَّه أن يقِفَ، ثُمَّ انصرَفَ، فسبَقَتهُ بريرةُ، فأخْبَرتني، فلم أذكُر لهُ شيئًا حتّى أصبَحَ، ثُمَّ ذكرتُ ذلك لهُ، فقال: "إنِّي بُعِثتُ إلى أهلِ البقِيع لأُصَلِّيَ عليهم".

قال أبو عُمر: يحتملُ أن تكون الصَّلاةُ هاهُنا: الدُّعاءَ، ويحتملُ أن تكونَ كالصَّلاةِ على الموتى، وذلك خُصُوصٌ لهُ، واللَّهُ أعلمُ، لأنَّ صلاتهُ على من صلَّى عليه رحمةٌ، فكأنَّهُ أُمِر أن يستغفِرَ لهُم، كما قيل لهُ: {وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} [محمد: ١٩].

وأمّا قولُهُ: "إنِّي بُعِثتُ إلى أهلِ البقِيع". ومسِيرُهُ إليهم، فلا يُدرى لمِثلِ هذا عِلَّة، واللَّه أعلمُ، وقد يحتملُ أن يكونَ ليعُمَّهُم بالصَّلاةِ منهُ عليهم، لأنَّهُ رُبَّما دُفِنَ منهُم من لم يُصلِّ عليه، كالمِسكِينةِ (٣)، ومِثلِها مِمَّن دُفِنَ ليلًا، ولم يشعُر بها، ليكونَ مُساويًا بينهُم في الصّلاةِ عليهم، ولا يُؤثِرُ بعضهُم بذلك، ليَتِمَّ عدلهُ فيهم.


(١) الموطأ ١/ ٣٣١ (٦٥٠).
(٢) في الأصل، م: "وقف"، والمثبت من النسخ، وانظر: الموطأ.
(٣) يشير إلى قصة المسكينة التي كانت تقم المسجد، فماتت ودفنوها ليلًا، ولم يعلم بها، فسأل عنها -صلى اللَّه عليه وسلم- وصلى عليها. أخرجه أحمد في مسنده ١٤/ ٢٨١، و ١٥/ ١٤ (٨٦٣٤، ٩٠٣٧)، والبخاري (٤٥٨، ٤٦٠، ١٣٣٧)، ومسلم (٩٥٦)، وأبو داود (٣٢٠٣)، وابن ماجة (١٥٢٧)، وابن خزيمة (١٢٩٩)، والبيهقي في الكبرى ٤/ ٤٧، والبغوي في شرح السنة (١٤٩٩) من حديث أبي هريرة. وانظر: المسند الجامع ١٧/ ٢٢ (١٣٢٤١).

<<  <  ج: ص:  >  >>