للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حديثٌ رابعٌ وأربعونَ منَ البلاغات

مالكٌ (١)، أنَّه بلَغه أنَّ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "إنّي لأنسى أو أُنسّى، لأَسُنّ".

أما هذا الحديثُ بهذا اللفظِ فلا أعلمُه يُروَى عن النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- بوجْهٍ من الوُجوهِ مُسندًا ولا مقطوعًا من غيرِ هذا الوجه، واللهُ أعلم، وهو أحدُ الأحاديثِ الأربعة في "الموطأ" التي لا توجدُ في غيرِه مُسندةٌ ولا مرسلَة، واللهُ أعلم (٢)، ومعناه صحيحٌ في الأصول، وقد مضَت آثارٌ في باب نومِه عن الصلاةِ تدُلُّ على هذا المعنى، نحوَ قوله -صلى الله عليه وسلم-: "إن اللهَ قبَض أرواحَنا لتكونَ سُنَّةً لمَن بعدَكم" (٣).

وقال -صلى الله عليه وسلم-: "إنما أنا بَشَرٌ أنسَى كما تنْسَون". وبُعِث -صلى الله عليه وسلم- مُعلِّمًا، فما سَنَّ لنا اتَّبَعناه، وقد بلَّغ ما أُمِر به، ولم يَتوَفَّهُ (٤) اللهُ حتى أكمَل دينَه سُننًا وفرائض، والحمدُ لله.

حدَّثنا خَلَفُ بنُ القاسم، قال: حدَّثنا أبو الطَّيِّبِ وجيهُ بنُ الحسنِ بنِ يوسف، قال: حدَّثنا أبو بَكْرةَ بكّارُ بنُ قُتيبةَ القاضي، قال: حدَّثنا أبو داودَ الطيالسيُّ، قال: حدَّثنا أبو بكرٍ النَّهْشَليُّ، قال: حدَّثنا عبدُ الرّحمن بنُ الأسودِ بنِ يزيد، عن أبيه، عن عبدِ الله، أنّ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- صلَّى الظهرَ أو العصر، شَكَّ أبو بكرٍ لا يَدْرِي أيَّهما، قال عبدُ الرّحمن -وقد سمّاها عبدُ الرّحمن-: فصلَّى خمسًا، فقيل: يا رسولَ الله، أزِيدَ في الصلاة؟ قال: "وما ذاكَ؟ ". قالوا: صلَّيتَ خمسًا. فقال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "إنما أنا بشرٌ مِثلُكم، أذكرُ كما تذكُرون، وأنسَى كما تنْسَون" (٥) (٦).


(١) الموطّأ ١/ ١٥٥ (٢٦٤).
(٢) قال ابن الصّلاح في رسالته وصل بلاغات مالك الأربعة: "وأمّا حديث النسيان، فقد رويناه من وجوه كثيرة صحيحة".
(٣) سلف تخريجه في أثناء شرح الحديث الثالث والأربعين لمرسل زيد بن أسلم.
(٤) في ي ٢: "يتوفاه"، والمثبت من الأصل.
(٥) أخرجه أحمد في المسند ٧/ ٩٠ (٣٩٨٣)، ومسلم (٥٧٢) (٩٣)، والنسائي في المجتبى (١٢٥٩)، وفي الكبرى ٢/ ٥٨ (١١٨١٣) من طرق عن أبي بكر بن عبد الله النهشليّ، به. الأسود بن يزيد والد عبد الرحمن: هو النّخعيُّ.
(٦) بعد هذا في ٢: "فلما فرغ سجد سجدتي السهو"، ولم ترد في الأصل ولا في أكثر النسخ، ولم يسقها الإمام أحمد في المسند، وهي في صحيح مسلم، ولكن من غير رواية الطيالسي.

<<  <  ج: ص:  >  >>