للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حديثٌ سادسَ عشرَ منَ البلاغات

مالكٌ (١)، أنَّه سَمِعَ غيرَ واحدٍ من عُلمائهم يقول: لم يَكُن في الفِطْرِ والأضحَى نداءٌ ولا إقامةٌ منذ زمانِ رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم- إلى اليوم.

قال أبو عُمر: لم يكن عندَ مالك في هذا الباب حديثٌ مسندٌ، وفيه أحاديثُ صِحاحٌ مسندةٌ ثابتةٌ عن النبيِّ -صلى الله عليه وسلم-. وهو أمرٌ لا خلافَ فيه بينَ العلماء، ولا تنازَع بينَ الفقهاء، أنه لا أذانَ ولا إقامةَ في العيدين، ولا في شيء من الصَّلوات المسنُوناتِ والنوافل؛ وإنَّما الأذانُ للمكتوباتِ لا غير. وعلى هذا مضَى عَمَلُ الخلفاء؛ أبي بكر، وعُمرَ، وعُثمانَ، وعليٍّ، وجماعة الصحابة، وعلماءِ التابعين، وفقهاءِ الأمصار، وأظنُّ ذلك، واللهُ أعلمُ؛ لئلّا يُشبَّهَ فرضٌ بنافلة، ولا أذانَ لصلاةٍ على جنازة، ولا لصلاةِ كسوف، ولا لصلاةِ استسقاء، ولا في العيدَين؛ لمفارَقةِ الصَّلواتِ المفروضات، واللهُ أعلم.

هذا قولُ مالكٍ في أهل المدينة، والليثِ بنِ سَعْدٍ في أهل مصر، والأوزاعيِّ في أهل الشام، والشافعيِّ في أهل الحجازِ والعراقِ من أتباعِه من النُّظّارِ والمحدِّثين.

وهو قولُ أبي حنيفةَ والثوريِّ وسائرِ الكُوفيِّين. وبه قال أحمدُ بنُ حنبل، وإسحاقُ، وأبو ثور، وداودُ، والطبريُّ (٢)، وكان بنو أميةَ يؤذَّنُ لهم في العيدَين، وقد مضَى القولُ في أول مَن فَعَلَ ذلك في باب ابنِ شِهاب من هذا الكتاب (٣).


(١) الموطّأ ١/ ٢٥٠ (٤٨٧).
(٢) ينظر: الأصل المعروف بالمبسوط لمحمد بن الحسن الشيباني ١/ ١٣٣، والأمّ للشافعيّ ١/ ٢٨٣، ومسائل الإمام أحمد رواية ابنه عبد الله، ص ١٣٢ (٤٨٨)، والأوسط لابن المنذر ٤/ ٢٩٦.
(٣) في أثناء شرح الحديث الأول له، عن أبي عُبيد مولى ابن أزهر، وقد سلف في موضعه، وهو في الموطّأ ١/ ٢٥١ (٤٩١).

<<  <  ج: ص:  >  >>