ولقد يَسَّر اللَّه لنا تخريج جميع أحاديث الكتاب مرفوعها وموقوفها، والحُكم عليها بما رزق اللَّه سبحانه، فأما التَّخريج فكان استنادًا إلى طريقتنا المعروفة في العناية بالمورد الذي ينقل منه المؤلف، ثم الكلام على العلل وبيانها، لأن هذه الأحاديث مما تتصل بأكثرها الأمور الشرعية مما يتعين بيان قوتها من ضعفها تأييدًا للمؤلف أو تعقبًا عليه.
وأما الأحكام على الرجال فقد استوعبنا رجالَ الكتب الستة في كتابنا "تحرير التقريب"، ومن ثم فإنَّ كل راوٍ أصدرنا فيه حكمًا ولم نذكر له مصدرًا فهو من رجال التهذيب الذين حررنا أحوالهم في "التحرير" أو هو مما ذكره الحافظ ابن حجر في "التقريب" وأقررناه عليه. وأما غيرهم من الرِّجال فقد ذكرنا له مصدرًا أو مصدرين، وغالبًا ما نعول على كتاب "ميزان الاعتدال" لإمام الجرح والتعديل الذهبي فقد جمع فيه الأقوال فأوعى.
[تعقباتنا على المؤلف]
من المعلوم في بَدائه العقول أنَّ عمل أيٍّ من المؤلفين لا يخلو أن تخالطه بعض الأوهام، وأنَّ المحقق الذي سَبَرَ النصَّ وعاناهُ واطلع على موضوع الكتاب، وخَبَرَ مادتَه، من أكثر الناس قدرةً في التنبيه على تلك الأوهام، لذلك وجدنا من أهم الواجب علينا التنبيه على الشيء بعد الشيء من ذلك برويَّةٍ وحذرٍ وتحقق، وبالبناء والتشييد لا بالتقليد، ومَن يطالع تعليقاتنا يجد من ذلك الكثير، سواء أكان في أسماء الرجال، أم في أحكامه عليهم، أم في تصحيحه أحاديث ضعيفةً أو معلولة، أم سكوته عن أحاديث معلولةٍ من غير أن يبين علتها، فيستدلُّ بها ويعتمدها، أم أحاديث خطأ من غير أن يبيِّن وجه الخطأ فيها، أم تصحيحه لحديث ضعيف، أم تضعيفه لحديث صحيح، أم توهم في الإسناد، أم نسبة حديث إلى غير راويه.
ويصح مثل هذا أيضًا تعقباتنا عليه في النواحي الفقهية، إذ قد ينسب إلى فقيهٍ ما خلافَ ما هو معروف عنه، ونحو ذلك مما لا ينفكُّ عنه البَشَر.