ابن ناصر الدين وابن حجر. وأعظم هذه الكتب نَفْعًا وأبقاها على الأيام أثرًا هو كتاب علّامة الشام ابن ناصر الدين "توضيح المشتبه".
ولو شئتُ أن أحيل على كل ما راجعت من موارد فيما قيَّدتُ وضبطتُ وشرحتُ لتضخمت حواشي الكتاب تضخمًا لم أُرِدْه له في المنهج الذي وضعته، فاقتصرتُ فيها على ما هو أكثر نَفْعًا وفائدة.
الإشارة إلى مناجم الكتاب:
استخدم ابن عبد البر مئات الموارد في بناء كتابه، وهي موارد متنوعةٌ تنوعَ المادة التي تضمَّنها هذا الكتاب الوسيع، فمنها الكتب التاريخية، والأدبية، وكتب رجال الحديث بتنظيماتها المتنوعة وموضوعاتها المختلفة، وكتب التَّراجم بأشكالها العديدة، فضلًا عن عشرات المصادر التي أفاد منها في اقتباس الأحاديث النبوية، أو التعليق عليها، وعشرات كتب الفقه العامة والخاصة بمذهب مُعين من المذاهب الفقهية المشهورة.
وقد كان من منهجي في تحقيق هذا الكتاب تتبع هذه الموارد والإشارة إلى موضع النَّقل منها ما استطعت إلى ذلك سبيلًا، وبما توفر منها، ومقابلة النص بنص المورد الذي اقتبس منه، وتثبيت الاختلافات الأساسية. ولم يكن هذا الأمر هينًا لأن ابن عبد البر لا يُسمِّي مواردَه في بعض الأحيان، بل قد تختفي في ثنايا الإسناد، أو يسمي صاحب الرأي الفقهي من غير أن يذكر المصدر الذي ينقل منه.
تخريج الحديث والتعليق عليه:
لقد اقتضى المنهج الذي انتهجه ابن عبد البر في تأليف كتابه أن يورد فيه آلاف الأحاديث ما بين مرفوع وموقوف لغايات الاستدلال بها وتمهيد أحاديث الموطأ، فكان من بين الأهداف الرئيسة التي دَفَعتنا إلى العناية بهذا الكتاب ضرورة تخريج أحاديثه والكلام عليها تصحيحًا وتضعيفًا، فهو من الكتب التي يُعنى المحدِّثون بالعُزو إليها عند تخريج الحديث، وتُبنَى عليها المسائل الفقهية.