للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حدِيثٌ ثامِنٌ للعلاءِ بن عبدِ الرَّحمنِ

مالكٌ (١)، عن العلاءِ بن عبدِ الرَّحمنِ، عن أبيهِ، عن أبي هريرةَ أنَّ رسُولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- خرجَ إلى المقبرةِ، فقال: "السَّلامُ عليكُم دارَ قوم مُؤمِنِينَ، وإنّا إن شاءَ اللَّه بكُم لاحِقُونَ، ودِدتُ أَنِّي قد رأيتُ إخواننا". قالوا: يا رسُول اللَّه، ألَسْنا بإخوانِكَ؟ قال: "بل أنتُم أصحابِي، وإخوانُنا الذين لم يأتُوا بَعدُ، وأنا فرطُهُم على الحَوْضِ". قالوا: يا رسُولَ اللَّه، كيفَ تَعرِفُ من يأتي بعدكَ من أُمَّتِكَ؟ قال: أرأيت لو كانت لرجُلٍ خَيْلٌ غُرٌّ مُحجَّلةٌ في خيلٍ دُهم بُهم (٢)، ألا يَعرِفُ خَيْلهُ؟ " قالوا: بلى يا رسُول اللَّه، قال: "فإنَّهُم يأتُونَ يومَ القِيامةِ غُرًّا مُحجَّلِين من الوُضُوءِ، وأنا فَرَطُهُم على الحوضِ، فلا يُذادنَّ (٣) رجُلٌ (٤) عن حَوْضِي كما يُذادُ البعِيرُ الضّالُّ، أُنادِيهِم: ألا هلُمَّ، ألا هلُمَّ، ألا هلُمَّ (٥)، فيُقالُ: إنَّهُم قد بدَّلُوا بعدكَ، فأقُولُ: فسُحقًا، فسُحقًا، فسُحقًا".

قال أبو عُمر: في هذا الحدِيثِ من الفِقهِ: إباحَةُ الخُرُوج إلى المقابِرِ، وزِيارةِ القُبُورِ.


(١) الموطأ ١/ ٦٥ - ٦٦ (٦٤).
(٢) خيل دهم بهم: قيل: السُّود. وقيل: هو كل ذي لون لاشية فيه، ولا يخالطه لون غيره، أصفر كان، أو أبيض، أو أسود. انظر: مشارق الأنوار للقاضي عياض ١/ ١٠٢.
(٣) في د ٢: "فليذادن"، وهو من إصلاح ابن وضاح، ولا يصح في رواية يحيى، قال الداني في الإيماء ٣/ ٤٦٥: "قال فيه يحيى بن يحيى: فلا يذادن، على النهي، كقوله تعالى: {فَلَا تَمُوتُنَ} [البقرة: ١٣٢] وتابعه مطرف، وقال سائر الرواة: فليذادن على الخبر". وقال القاضي عياض في مشارق الأنوار ١/ ٢٧١: "وقوله: فليذادن رجال عن حوضي كما يذاد البعير الضال، أي يطردون، كذا رواهُ أكثر الرواة عن مالك في الموطأ بلام التحقيق والتأكيد، ورواه يحيى ومطرف وابن نافع: فلا يذادن بلا التي للنهي، وردّه ابنُ وضاح على الرواية الأولى، وكلاهما صحيح المعنى، والرواية النافية أفصح وأوجه وأعرف".
(٤) في الأصل، د ٢، ت: "رجال"، وهي إحدى روايات الموطأ عن يحيى.
(٥) قوله: "ألا هلم" الثالثة لم ترد في د ٢، ت.

<<  <  ج: ص:  >  >>