للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حديثٌ رابعٌ لأبي الزُّبيرِ

مالكٌ (١)، عن أبي الزُّبيرِ، عن جابرٍ، أنَّ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "أغلِقوا البابَ، وأوكُوا السِّقاءَ، وخمِّرُوا الإناءَ، أو أَكْفِئُوا (٢) الإناءَ، وأطْفِئُوا المِصْباحَ، فإنَّ الشَّيطانَ لا يفتحُ غَلَقًا (٣)، ولا يَحُلُّ وِكاءً، ولا يَكْشِفُ إناءً، وإنَّ الفُوَيسِقةَ تُضرِمُ على النّاسِ بَيْتهُم".

هكذا قال يحيى في هذا الحديثِ: "تُضرِمُ على النّاسِ بيتَهُم". وتابَعهُ ابنُ القاسم، وابنُ وَهْب (٤)، وقال ابنُ بُكَيرٍ: "بُيُوتَهُم". وقال القعنبيُّ: "بيتَهُم، أو بُيُوتَهُم" على الشَّكِّ.

والفُوَيسِقةُ: الفَأرةُ، سمّاها رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "فاسِقةً" في هذا الحديثِ وغيرِهِ، وقال - صلى الله عليه وسلم -: "خَمْسٌ فَواسِقُ تُقتلُ في الحَرم" (٥)، فذكَرَ منهُنَّ الفأرةَ.

وكلُّ من آذى مُسلمًا إذا تابَعَ ذلكَ، وكَثُر منهُ، وعُرِفَ به، فهُو فاسِقٌ، والفأرةُ أذاها كثيرٌ.

وأصلُ الفِسْقِ: الخُرُوجُ عن طاعةِ الله، ومن الخُرُوج عن طاعَةِ الله، أذَى المُسلم، والفأرةُ مُؤذيةٌ، فلذلك سُمِّيت فاسِقةً، وفُوَيسِقةً، والرَّجُلُ الظّالِمُ الفاجِرُ، فاسِقٌ، والمُؤذي بيَدِهِ، ولسانِهِ، وفِعْلِهِ، وسَعيهِ، فاسِقٌ، قال اللهُ عزَّ وجلَّ:


(١) الموطأ ٢/ ٥١٧ (٢٦٨٦).
(٢) في م: "واكفؤا" وأثبتناه كما جاء في ش ٤ والموطأ. وانظر كلام المصنِّف.
(٣) الغَلَق: بالتحريك، هو ما يغلق به الباب ويفتح، والجمع أغلاق. انظر: لسان العرب ١٠/ ٢٩١.
(٤) أخرجه أبو عوانة (٨١٥٥).
(٥) في م: "في الحل والحرم"، والمثبت من ش ٤، وهو الموافق لما في الموطأ ١/ ٤٨٠ (١٠٢٨) من حديث هشام بن عروة، عن أبيه.

<<  <  ج: ص:  >  >>