للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصَّمّاءِ، وهُو أن يَلْتحِفَ بالثَّوبِ الواحِدِ، ثُمَّ يَرْفعَ جانِبَهُ على مَنْكِبيهِ ليس عليه ثوبٌ غيرُهُ، أو يَحْتبيَ الرَّجُلُ في الثَّوبِ الواحِدِ، ليسَ بين فَرْجِهِ وبين السَّماءِ شيءٌ. يعني: سِتْرًا (١).

وعن مالك (٢)، عن أبي الزِّنادِ، عن الأعْرَج، عن أبي هُريرةَ، قال: نَهَى رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أن يَشْتمِلَ الرَّجُلُ بالثَّوبِ الواحِدِ على أحَدِ شِقَّيهِ.

وبهذا فسَّرَ ابنُ وَهْبٍ الصَّمّاءَ، والله أعلمُ، إلّا أنَّهُ قال: على شِقِّهِ الأيسرِ. وسيأتي من هذا المعنى ذِكرٌ كافٍ، في بابِ أبي الزِّنادِ، وقد مَضَى القولُ مُسْتَوعبًا في سَتْرِ العَوْرةِ، في بابِ ابن شِهاب، عن سعيدِ بن المُسيِّبِ، والحمدُ لله.

وأمّا كشفُ الفرج، فحرامٌ في هذه اللُّبسةِ وفي غيرِها، لا يحِلُّ لأحَدٍ أن يُبْديَ عَوْرتَهُ، ويَكْشِفَ فَرْجَهُ إلى آدميٍّ ينظُرُ إليهِ، من رَجُلٍ، أو امرأةٍ، إلّا من كانت حليلتَهُ: امْرَأتَهُ، أو سُرِّيَّتَهُ، وهذا ما لا أعلمُ فيه خِلافًا بين المُسلمين، وحسبُك قولُ الله عزَّ وجلَّ: {يَابَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} [الأعراف: ٣١] وأجمعُوا أنَّهُ أرادَ بذلك سَتْرَ العَوْرةِ؛ لأنَّهُم كانوا يطُوفُون عُراةً، فنزلت هذه الآيةُ، وأجمعُوا على أنَّ سترَ العَوْرةِ فَرْضٌ عن عُيُونِ الآدميِّين. واختلفُوا: أهي من فرائضِ الصلاةِ، أم لا؟ وقد ذكَرْنا ذلك في غيرِ هذا الموضِع.

وقد كانوا يَسْتحِبُّونَ أن لا يَكْشِفَ أحدٌ عَوْرتهُ في الخَلاءِ. وقد رَوَينا أنَّ في بعضِ ما أوحَى اللهُ عزَّ وجلَّ، إلى إبراهيمَ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ: إنِ اسْتَطعتَ أن لا تُرِيَ الأرضَ عَوْرتَك فافْعَل، فاتَّخَذَ السَّراويلَ، وهُو أوَّلُ منِ اتَّخذها، وقال اللهُ تعالى: {مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ} [الحج: ٧٨].


(١) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنَّف (٢٥٧٢٩)، والنسائي في الكبرى ٨/ ٤٤٨ (٩٦٦٥) من طريق كثير بن هشام، به. وأخرجه والنسائي في الكبرى ٨/ ٤٤٨ (٩٦٦٦) من طريق جعفر بن برقان، به.
وإسناده ضعيف لضعف جعفر بن برقان في الزهري خاصة كما بيناه في تحرير التقريب ١/ ٢١٦.
(٢) أخرجه في الموطأ ٢/ ٥٠٣ (٢٦٦٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>