للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حديثٌ عاشِرٌ لنافِع، عن ابن عُمرَ

مالكٌ (١)، عن نافِع، عن عبدِ الله بن (٢) عُمرَ، أنَّ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "مَنِ ابْتاعَ طعامًا، فلا يبِعهُ حتَّى يَسْتوفيَهُ".

هذا حديث صحيحُ الإسنادِ، مُجتمَع على القولِ بجُملتِهِ، إلّا أنَّهُمُ اختلفُوا في بعضِ مَعانيهِ، ونحنُ نذكُرُ ما اجتُمِعَ عليه من ذلك، وما اختُلِفَ فيه هاهُنا إن شاءَ الله تعالى.

وقد رُوِيَ عن ابن عُمر هذا الحديثُ من وُجُوهٍ، فأمّا عبدُ الله بنُ دينارٍ، فلفظُهُ عنهُ، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - منِ ابتاعَ طعامًا، فلا يبِعهُ "حتَّى يَقْبِضَهُ" (٣). وكذلك لفظُ حديثِ ابن عبّاس (٤)، وحَكِيم بن حِزام: "حتَّى يقبِضهُ " عندَ أكثرِ الرُّواةِ.

والقَبْضُ والاسْتيفاءُ سَواءٌ، ولا يكونُ ما بيعَ من الطَّعام على الكيلِ والوَزْنِ مقبُوضًا، إلّا كيلًا أو وَزْنًا، وهذا ما لا خِلافَ بين جماعةِ العُلماءِ فيه، فإن وقَعَ البَيْعُ في الطَّعام على الجُزافِ، فقدِ اختُلِفَ في بَيْعِهِ قبلَ قبضِهِ وانتِقالهِ، على ما نذكُره ونُوضِّحُهُ في البابِ الذي يلي هذا الباب، إن شاءَ الله.

وظاهِرُ هذا الحديثِ يحظُرُ بَيْعَ (٥) ما وقعَ عليه اسمُ طعام، إذا اشْتُرِيَ حتَّى يُسْتَوفى، واسْتِيفاؤهُ قَبْضُهُ، على حَسَب ما جَرتِ به العادةُ فيه من كَيْل، أو وَزْنٍ، قال الله عزَّ وجلَّ: {أَوْفُوا الْكَيْلَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُخْسِرِينَ} [الشعراء: ١٨١] وقال: {فَأَوفِ لَنَا الكَيلَ وَتَصَدَّقْ عَليْنَا} [يوسف: ٨٨]. وقال: {وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ} [المطففين: ٣].


(١) الموطأ ٢/ ١٦٧ (١٨٦٣).
(٢) قوله: "عبد الله بن" لم يرد في الأصل، وهو ثابت في بقية النسخ والموطأ.
(٣) أخرجه مالك في الموطأ ٢/ ١٦٧ (١٨٦٤).
(٤) سيأتي بإسناده، ويخرج في موضعه، وكذا ما بعده.
(٥) هذه الكلمة سقطت من م.

<<  <  ج: ص:  >  >>