للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حديثٌ تاسعٌ وعشرونَ لزَيْد بن أسلَمَ مُرسَلٌ

مالكٌ (١)، عن زيدِ بنِ أسلمَ، عن عطاءِ بنِ يسارٍ، أنَّ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "اللَّهُمَّ لا تَجعَلْ قبرِي وَثَنًا يُعبَدُ؛ اشْتَدَّ غضبُ الله على قوم اتَّخَذُوا قبورَ أنبِيائِهم مساجدَ" (٢).

قال أبو عُمر: لا خلافَ عن مالكٍ في إرسالِ هذا الحديثِ على ما رواه يحيَى سواءً، وهو حديثٌ غريبٌ، أعْنِي قولَه: "اللَّهُمَّ لا تَجْعَلْ قبرِي وَثَنًا يُعبَدُ". ولا يكادُ يُوجَدُ. وزعَم أبو بكرٍ البَزَّارُ أنَّ مالكًا لم يُتابِعْه أحدٌ على هذا الحديثِ إلَّا عمرُ بنُ محمدٍ، عن زيدِ بنِ أسلمَ. قال: وليس بمحفوظٍ عن النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- من وجهٍ من الوجوهِ إلَّا من هذا الوجهِ، لا إسنادَ له غيرُه، إلَّا أنَّ عمرَ بنَ محمدٍ أسنَدَه عن أبي سعيدٍ الخدرِيِّ، عن النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- (٣). قال: وعمرُ بنُ محمدٍ ثقةٌ، روَى عنه الثورِيُّ وجماعةٌ. قال: وأمَّا قولُه -صلى الله عليه وسلم-: "لعَن اللهُ اليهودَ؛ اتَّخَذوا قبورَ أنبِيائِهم مساجدَ"، فمحفوظٌ من طرقٍ كثيرةٍ صحاح.

قال أبو عُمر: لا وجهَ لقولِ البَزَّارِ إلَّا معرفةُ مَن روَى الحديثَ لا غيرُ، ولا خلافَ بينَ علماءِ أهلِ الأثَرِ والفقهِ، أنَّ الحديثَ إذا رواه ثقةٌ عن ثقةٍ حتى يَتَّصِل بالنبيِّ -صلى الله عليه وسلم-، أنَّه حُجَّةٌ يُعمَلُ بها، إلَّا أنْ يَنْسَخَه غيرُه، ومالكٌ عند جميعِهم حجَّةٌ فيما نقَل، وقد أسْنَد حديثَه هذا عمرُ بنُ محمدٍ، وهو من ثقاتِ أشرافِ أهلِ المدينةِ، روَى عنه مالكُ بنُ أنسٍ، والثَّورِيُّ، وسليمانُ بنُ بلالٍ، وغيرُهم؛ وهو عمرُ بنُ محمدِ بنِ عبدِ الله بنِ عمرَ بنِ الخطابِ. فهذا الحديثُ صحيحٌ عندَ


(١) الموطأ ١/ ٢٤٣ (٤٧٥).
(٢) أخرجه ابن سعد في الطبقات الكبرى ٢/ ٢٤٠ من طريق مالك، به.
(٣) سيأتي تخريجه في الصفحة التالية.

<<  <  ج: ص:  >  >>