للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حديثٌ حادٍ وثلاثونَ لزَيْد بن أسلَمَ مُرسَلٌ

مالكٌ (١)، عن زيدِ بنِ أسْلَمَ، عن عطاءِ بنِ يَسَارٍ، أنَّه أخْبَرَه، قال: كان رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- في المسجدِ، فدَخَل رجلٌ ثَائِرُ الرَّأْسِ واللحيةِ، فأشار إليه رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- بيَدِه (٢) أنِ اخْرُجْ. كأنَّه يَعْنِي إصلاحَ شَعَرِ رَأْسِه ولِحْيَتِه، ففَعَل الرجلُ ثمَّ رَجَع، قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "أليس هذا خيرًا مِن أن يَأْتِيَ أحَدُكم ثَائِرَ الرَّأْسِ كأنَّه شيطانٌ؟ ".

قولُه في هذا الحديثِ: ثَائِرُ الرَّأْسِ: يَعْنِي أنَّ شَعَرَه مُرْتَفِعٌ شَعِثٌ غيرُ مُرَجَّلٍ، وأصْلُ الكَلِمَةَ في اللغةِ: الظُّهورُ والخَيَالُ، ومنه أُخِذَ: الثائرُ والثَّوْرَةُ.

ولا خِلافَ عن مالِكٍ أنَّ هذا الحديثَ مُرْسَلٌ، وقد يَتَّصِلُ مَعْناه مِن حديثِ جابِرٍ (٣) وغيرِه.

وفيه إباحَةُ اتِّخَاذِ الشُّعورِ (٤) والوَفَرَاتِ والجُمَمِ (٥)؛ لأنَّه لم يأْمُرْه بحَلْقِه.

وفيه الحَضُّ على تَرْجِيلِ شَعَرِ الرأسِ واللحيةِ، وكَراهِيَةُ إهْمالِ ذلك والغَفْلةِ عنه حتى يتَشَعَّثَ ويَسْمُجَ (٦). وهذا عندِي أصْلٌ في إباحَةِ التَّزَيُّنِ


(١) الموطأ ٢/ ٥٣٨ (٢٧٣٢).
(٢) قوله: "بيده" لم يرد في د ١، خ.
(٣) سيأتي تخريجه قريبًا.
(٤) في ق: "الشعر".
(٥) الوَفَرات: جمع الوَفْرَة: وهو ما جاوَزَ شحمة الأُذن من الشَّعر. والجُمَمُ: جمع الجُمَّة: وهو ما جاوز الأُذنين من الشعر، وإنما قيل له ذلك؛ لأنه وَفَر وجَمَّ على الأذن؛ أي: اجتمع. ينظر: "الصحاح" و"اللسان" (جمم) و (وفر).
(٦) قوله: "حتى يتشعَّث ويَسْمُج" التَّشعُّث: التفرُّق، والسَّمَجُ: القُبح. والمراد النهي عن إهمال الشعر وتركه حتى يصبح مغبَرًّا وذا منظر قبيح. وانظر: "الصحاح" (سمج) و (شعث).

<<  <  ج: ص:  >  >>