للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حديثٌ تاسعٌ لأبي النَّضْر

مالكٌ (١)، عن أبي النَّضْر، عن عُبيدِ اللَّه بنِ عبدِ اللَّه بنِ عُتْبة، أنه دخَل على أبي طَلْحةَ الأنصاريِّ يَعودُه، قال: فوجَدنا عندَه سهلَ بنَ حُنيف. قال: فدعا أبو طلحةَ إنسانًا، فنزَع نَمَطًا (٢) كان تحتَه. فقال له سهلٌ: لِمَ نزعتَه؟ قال: لأن فيه تصاوير، وقد قال رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فيها ما قد علِمتَ. قال سهلٌ: أوَلم يقل: "إلّا ما كان رَقْمًا (٣) في ثَوب؟ " قال: بلى، ولكنه أطيَب لنفسي.

لم يختلفِ الرواةُ عن مالكٍ في إسنادِ هذا الحديث ومتنِه في "الموطأ" (٤). وفيه عن عُبيد اللَّه، أنه دخَل علي أبي طلحةَ. فأنكَر ذلك بعضُ أهل العلم، وقال: لم يَلقَ عُبيدُ اللَّه أبا طلحةَ. وما أدري كيف قال ذلك، وهو يَرْوي حديثَ مالكٍ هذا؟ وأظنُّ ذلك، واللَّهُ أعلم، من أجلِ أنَّ بعضَ أهلِ السِّير قال: توفِّي أبو طلحةَ سنةَ أربعٍ وثلاثينَ في خلافةِ عثمانَ، وعُبيدُ اللَّه لم يكنْ في ذلك الوقت ممَّن يَصِحُّ له سَماع.

قال أبو عُمر: اختُلِف في وفاة أبي طلحة، وأصحُّ شيء في ذلك ما رَواه أبو زُرعة، قال (٥): سمِعتُ أبا نُعَيم يحدِّثُ، عن حمّادِ بنِ سلمة، عن ثابت، عن


(١) الموطأ ٢/ ٥٥٥ (٢٧٧٢).
(٢) النَّمَطُ: ضربٌ من البُسُطِ، والجمع أنماط. الصحاح للجوهري ٣/ ١١٦٥ (نمط).
(٣) الرَّقْمُ: كلُّ ثوبٍ رُقِمَ ووُشِيَ، فهو رقْمٌ. (مجمل اللغة لابن فارس ١/ ٣٩٢).
(٤) رواه عنه في موطئه: أبو مصعب الزُّهري (٢٥٣٤)، وابن القاسم (٤٢٧)، وسويد بن سعيد (٦٧٢)، وهو في مسند الموطأ للجوهري (٣٩٢).
(٥) أبو زرعة الدِّمشقي في تاريخه، ص ٥٦٢.
وقال الذَّهبي بعد أن أورد هذا الخبر: "قلت: بل عاش بعده نيِّفًا وعشرين سنة" سير أعلام النبلاء ٢/ ٢٩. وقال الحافظ ابن حجر معلّقًا على قول أبي زرعة الدمشقي: "كأنه أخذَه من حديث شعبة، وكذا روى حمّاد بن سلمة عن ثابت عن أنس. فعلى هذا تكون وفاته سنة إحدى وخمسين، وقد قاله أبو الحسن المدائني. وزعم أبو نعيم أنه وهْمٌ، والظاهر أنه الصواب، ويؤكّد كون ذلك =

<<  <  ج: ص:  >  >>