للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حديثٌ ثالثُ أربعينَ لأبي الزِّنادِ

مالكٌ (١)، عن أبي الزِّنادِ، عن الأعرج، عن أبي هريرةَ، أنَّ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "والذي نَفْسِي بيدِهِ، لا يُكْلَمُ أحدٌ في سبيلِ الله، واللهُ أعلمُ بمن يُكلَمُ في سبِيلِهِ، إلّا جاءَ يومَ القِيامةِ وجُرحُهُ يَثْعَبُ دمًا، اللَّونُ لونُ دم، والرِّيحُ رِيحُ مِسْكٍ".

هذا من أحسنِ حديثٍ في فضلِ الغزوِ في سبِيلِ الله، والحضِّ على الثُّبُوتِ عِندَ لقاءِ العدُوِّ.

وأمّا قولُهُ: "لا يُكْلَمُ". فمعناهُ: لا يُجرَحُ أحدٌ في سبِيلِ الله، والكلُومُ: الجِراحُ، مَعرُوفٌ ذلك في لِسانِ العربِ مَعرِفةً يُستغنى بها عن الاستِشهادِ عليها بشيءٍ (٢).

وأمّا قولُهُ: "يَثْعَبُ دمًا". فمعناهُ: ينفجِرُ دمًا.

وأمّا قولُهُ: "في سبِيلِ الله". فالمُرادُ به الجِهادُ والغزوُ، ومُلاقاةُ أهلِ الحربِ من الكُفّارِ، على هذا خرج الحديثُ.

ويدخُلُ فيه بالمعنى كلُّ من خرجَ في سبِيلِ برٍّ وحقٍّ وخيرٍ، ممّا قد أباحَهُ الله، كقِتالِ أهلِ البَغْيِ الخوارِج (٣) واللُّصُوصِ والمُحارِبِين، أو أمرٍ بمَعرُوفٍ، أو نَهيٍ عن مُنكرٍ.


(١) الموطأ ١/ ٥٩٣ (١٣٢٦).
(٢) جاء بعد هذا في نسخ الإبرازة الأولى قوله: "ومن ومن أملح ما جاءَ في ذلك قولُ حسّانَ بن ثابتٍ يَصِفُ امرأةً ناعِمةً طرِيَّةً، زعمَ أنَّ الذَّرَّ لو مَشَى عليها، لجَرَحها جِراحًا تصِيحُ مِنها، وتندُبُ نفسَها، فقال:
لو يدُبُّ الحَوْلِيُّ من وَلَدِ الذَّرِّ ... عليها لأندَبَتها الكلُومُ
والظاهر أن المؤلف حذفها، لعدم ورودها في نسخ الإبرازة الأخيرة ومنها الأصل، د ٢.
(٣) في د ٢: "والخوارج".

<<  <  ج: ص:  >  >>