للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ألا تَرَى إلى قولِ رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -: "من قُتِل دُونَ مالِهِ فهُو شهِيدٌ" (١)؟

وفي قولِهِ عليه السَّلامُ: "واللهُ أعلمُ بمن يُكلَمُ في سبِيلِهِ" دليلٌ على أنْ ليسَ كلُّ من خرجَ في الغزوِ، تكونُ هذه حالَهُ، حتَّى تصِحَّ نِيَّتُهُ، ويعلمَ اللهُ من قَلبِهِ أَنَّهُ خرجَ يُرِيدُ وَجهَهُ ومَرْضاتَهُ، لا رِياءً، ولا سمعةً، ولا مُباهاةً (٢)، ولا فخرًا.

وفي هذا الحديثِ أيضًا دليلٌ على أنَّ الشَّهِيدَ يُبعثُ على حالِهِ التي قُبِضَ عليها.

ويحتَمِلُ أن يكونَ ذلك في كلِّ ميِّتٍ، واللهُ أعلمُ، يُبعَثُ على حالِهِ التي ماتَ فيها.

إلّا أنَّ فضلَ الشَّهِيدِ في سبِيلِ الله بين الصَّفَّينِ، أن يكونَ رِيحُ دمِهِ كرِيح المِسكِ، وليسَ كذلك دمُ غيرِهِ.

ومن قال: إنَّ الموتَى جُملةً يُبعثُونَ على هيئاتِهِم، احتجَّ بحديثِ يحيى بن أيُّوب، عن ابنِ الهادِ، عن محمدِ بن إبراهيمَ، عن أبي سلَمةَ (٣)، عن أبي سعِيدٍ الخُدرِيِّ، أنَّهُ لمّا حَضَرتهُ الوَفاةُ، دعا بثِيابٍ جُدُدٍ فلَبِسها، ثُمَّ قال: سمِعتُ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: "إنَّ الميِّتَ يُبعَثُ في ثِيابِهِ التي يمُوتُ فيها" (٤).


(١) أخرجه أحمد في مسنده ١١/ ٤١٧، ٤٢١، ٦٥٦ (٦٨١٦، ٦٨٢٣، ٧٠٨٤)، والبخاري (٢٤٨٠)، ومسلم (١٤١)، وأبو داود (٤٧٧١)، والترمذي (١٤٢٠)، والنسائي في المجتبى ٧/ ١١٥، وفي الكبرى ٣/ ٤٥٢، ٤٥٣ (٣٥٣٣، ٣٥٣٤، ٣٥٣٦)، وأبو عوانة (١٢٨)، والطبراني في الأوسط ١/ ٢٤١، و ٣/ ٢٠٩، و ٨/ ٣٠٢ (٧٨٩، ٢٩٣٩، ٨٧٠٠)، والبيهقي في الكبرى ٣/ ٢٦٥، و ٨/ ٣٣٥، من حديث عبد الله بن عمرو. وانظر: المسند الجامع ١١/ ٢٥٤ - ٢٥٨ (٨٦٨٤ - ٨٦٩٢).
(٢) في ي ١، ت: "مماراة".
(٣) في م: "عن مسلمة"، خطأ بيّن، فهو أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف.
(٤) أخرجه أبو داود (٣١١٤)، وابن حبان ١٦/ ٣٠٧ (٧٣١٦)، والحاكم في المستدرك ١/ ٣٤٠، والبيهقي في الكبرى ٣/ ٣٨٤، من طريق يحيى بن أيوب، به. وانظر: المسند الجامع ٦/ ٢٥٥ - ٢٥٦ (٤٣٠٣)، والمسند المصنف المعلل ٢٨/ ١٩٥ (١٢٦٣٨).
وأخرجه عبد الرزاق (٦٢٠٣) عن ابن جريج، عن رجل، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، أنه حضر أبا سعيد الخدري وهو يموت، فذكره.

<<  <  ج: ص:  >  >>