للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حديثٌ سابعٌ لأبي النَّضْر

مالكٌ (١)، عن محمدِ بنِ المُنكَدِرِ وأبي النَّضْر، عن عامرِ بنِ سعدِ بنِ أبي وقاص، عن أسامةَ بنِ زيد، أنَّ رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "الطاعونُ رَجْزٌ أُرْسِل على طائفةٍ من بني إسرائيل". مثلَ حديثِ محمدِ بنِ المُنكَدِر سواءً، إلّا أنَّ في حديث أبي النضر: "إذا وقَع بأرضٍ وأنتم بها فلا تخرُجوا منها، لا يُخرِجُكم إلا فرارًا منه".

هكذا في "الموطأ": "إلا فرارًا". في حديث أبي النَّضْر، وقد جعله جماعةٌ من أهل العلم لحنًا وغلَطًا. والوجهُ فيه عندَ أهل العربية أنّ دخولَ "إلا" في هذا الموضع إنما هو لإيجابِ بعض ما بقي (٢) بالجملة، كأنه قال: لا تخرُجوا منها إذا لم يكن خُروجُكم إلا فرارًا، أي: إذا كان خُروجُكم فرارًا فلا تخرُجوا. والنصبُ ها هنا بمعنى الحال لا بمعنى الاستثثاء، واللَّهُ أعلم (٣).


(١) أخرجه بهذا الإسناد محمد بن الحسن الشيباني بن موطَئه (٩٥٥) دون ذكر سالم أبي النضر، به.
وقد سلف هذا الحديث -وهو الحديث الثالث لمحمد بن المنكدر- مع تخريجه من الموطآت وغيرها، إلّا أنهم روه عن مالك عن محمد بن المنكدر وعن سالم أبي النضر، مولى عمر بن عُبيد اللَّه، عن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه أنه سمعه يسأل أسامة بن زيد ما سمعه من رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- "في الطاعون" فذكروه وزادوا فيه "عن أبيه".
وقد أشار فيه المصنَّف هناك إلى رواية يحيى بن يحيى الليثي -وهي في الموطأ ٢/ ٤٧٥ (٢٦١٢) - ومن تابعه في قوله: "عن أبيه" في الإسناد، وقال: "لا وجْه لِذِكْر أبيه في ذلك؛ لأن الحديث إنما هو لعامر بن سعد عن أسامة بن زيد، سمعة منه" وأشار إلى رواية محمد بن الحسن الشيباني المخرَّجة هنا وإلى رواية غيره كالقعنبي حيث لم يقولوا فيه: "عن أبيه" ولا ذكروا فيه أبا النضر مع محمد بن المنكدر وصوّبها، وقال: "وقد روى قومٌ هذا الحديث عن عامر بن سعد عن أبيه عن النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وهو عندي وهْمٌ، ولا يصحُّ، واللَّه أعلم".
(٢) في الأصل، م: "نفي"، والمثبت من د ٢، د ٣، وهو الذي في مشارق الأنوار للقاضي عياض ٢/ ١٥٤، قال: "إلا هنا بعد النفي لإيجاب بعض ما بقي قبلُ من الخروج"، ونقله عن ابن عبد البر.
(٣) وقال القاضي عياض في المشارق ٢/ ١٥٤: "وقوله في رواية أبي النضر: فلا يُخرجكم إلّا فرارٌ منه. بالضمّ عند أكثر رواه الموطأ عن يحيى وابن كثير وغيره من رُواة الموطأ، وهو البيِّنُ الوجْهِ؛ =

<<  <  ج: ص:  >  >>