للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حديثٌ أوَّلُ لنُعيم المُجْمِرِ

مالكٌ (١)، عن نُعَيم بن عبدِ اللَّه المُجْمِرِ، عن أبي هريرةَ، أنَّهُ قال: قال رسُولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "على أنقابِ المدِينةِ مَلائكةٌ، لا يدخُلُها الطّاعُونُ، ولا الدَّجّالُ".

هكذا روَى هذا الحديثَ عن مالكٍ جماعةُ رُواةِ "المُوطَّأ" وغيرُهُم.

وقد روى فِطرُ (٢) بن حمّادِ بن واقدٍ الصَّفّارُ، قال: دَخلتُ أنا وأبي على مالكِ بن أنَسٍ، فقال لهُ أبي: يا أبا عبدِ اللَّه، أيُّما (٣) أحبُّ إليكَ: المقامُ هاهنا، أو بمكّةَ؟ فقال: هاهنا، وذلك أنَّ اللَّهَ اختارَها لنبِيِّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- من جميع بقاع الأرضِ.

ثُمَّ قال: حدَّثنا نُعَيمُ بن عبدِ اللَّه المُجْمِرُ، عن أبي هريرةَ، أنَّ رسُولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "من خرجَ منها رَغْبةً عنها، أبْدَلها اللَّهُ من هُو خيرٌ منهُ، وإنَّها لتَنفِي خَبَثَ الرِّجالِ، كما ينفِي الكِيرُ خبَثَ الحدِيدِ". وهذا الحديثُ خطأٌ بهذا الإسنادِ، والصَّوابُ فيه، ما في "المُوطَّأ".

وأمّا قولُهُ: "أنقابُ المدِينةِ" فإنَّهُ أرادَ طُرُقَها، وفِجاجَها (٤)، والواحِدُ: نَقَبٌ، ومن ذلك قولُ اللَّه عزَّ وجلَّ: {فَنَقَّبُوا فِي الْبِلَادِ} [ق: ٣٦] أي: جعلُوا فيها طُرُقًا ومسالِكَ، قال امرُؤُ القَيْس (٥):

وقد نقَّبتُ في الآفاقِ حتّى ... رَضِيتُ من الغَنِيمةِ بالإيابِ

والمنكِبُ أيضًا: الطَّرِيقُ، مِثلُ المنقبِ.

وفي هذا الحديثِ دليلٌ واضحٌ على فضْلِ المدِينةِ، إذ لا يدخُلُها الطّاعُونُ،


(١) الموطأ ٢/ ٤٧٠ (٢٦٠٥).
(٢) في د ٤، ف ٣: "بكر"، خطأ. وهو فطر بن حماد بن واقد الصفار، العيشي البصري. انظر: الجرح والتعديل لابن أبي حاتم ٧/ ٩٠، والإكمال لابن ماكولا ٦/ ٣٥٦.
(٣) في ف ٣، م: "أيهما".
(٤) في م: "محاجها". المحجة: هي جادة الطريق، وجمعها المحاج، بتشديد الجيم. انظر: النهاية لابن الأثير ٤/ ٣٠١.
(٥) انظر: ديوانه، ص ٩٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>