للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حديثٌ ثاني خمسين لأبي الزِّنادِ

مالكٌ (١)، عن أبي الزِّنادِ، عن الأعرج، عن أبي هريرةَ، أن رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "الصِّيامُ جُنَّةٌ، فإذا كان أحدُكُم صائمًا، فلا يَرْفُثْ، ولا يَجْهل، فإنِ امرُؤٌ قاتَلَهُ أو شاتَمهُ، فليَقُل: إنِّي صائمٌ، إنِّي صائمٌ".

أمّا الصِّيامُ في الشَّرِيعةِ، فمَعناهُ: الإمساكُ عن الأكلِ والشُّربِ ووطءِ النِّساءِ نهارًا، إذا كان تارِكُ ذلك يُرِيدُ به (٢) وجهَ الله ويَنْوِيهِ، هذا معنى الصِّيام في الشَّرِيعةِ عِندَ جميع عُلماءِ الأُمَّةِ.

وأمّا أصلُهُ في اللُّغةِ، فالإمساكُ مُطلقًا، وكلُّ من أمسَكَ عن شيءٍ، فقد صامَ منه (٣)، ويُسمَّى صائمًا، ألا تَرَى إلى قولِ الله عزَّ وجلَّ: {إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا} [مريم: ٢٦]، فسمَّى الإمساكَ عن الكلام صومًا، وكلُّ مُمسِكٍ عن حَرَكةٍ، أو عمل، أو طعام، أو شرابٍ (٤)، فهُو صائمٌ في أصلِ اللِّسانِ، لكِنَّ الاسمَ الشَّرعِيَّ ما قدَّمتُ لك، وهُو يَقْضِي في المعنى على الاسم اللُّغوِيِّ.

وقد ذكَرْنا شواهِدَ الشِّعرِ على الاسم اللُّغوِيِّ (٥) في الصِّيام، واسْتَوعبنا القولَ في معناهُ، في بابِ ثورِ بن زيدٍ، والحمدُ للّه.

وأمّا قولُهُ: الصِّيامُ جُنَّةٌ، في هذا الحديثِ، فكذلك رواهُ القَعْنبِيُّ، ويحيى، وأبو المُصْعَبٍ (٦)، وجماعةٌ، ولم يذكُرِ ابنُ بُكيرٍ في هذا الحديثِ: "الصِّيامُ جنَّةٌ".


(١) الموطأ ١/ ٤١٥ (٨٦٠).
(٢) شبه الجملة لم يرد في ت.
(٣) في م: "عنه"، والمثبت من الأصل، د ٢.
(٤) قوله: "أو شراب" لم يرد في ت.
(٥) هذه العبارة من أول الفقرة لم ترد في ت.
(٦) الموطأ بروايته ١/ ٣٢٨ - ٣٢٩ (٨٥٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>