الوليد بن مسلم، عن أبي عمرو عبد الرحمن بن عمرٍ والأوزاعي، عن حسّان بن عطيّة، عن عبد الرحمن بن سابط، عن عمرو بن ميمون الأوديّ، قال: قدِم علينا معاذُ بن جبل اليمن رسولُ رسولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- من السَّحَرِ، رافعًا صوته بالتكبير، أجشَّ الصّوتِ، فأُلِقيَمتْ عليه محبَّتي فما فارقتُهُ حتى حَثَوتُ عليه التُّرابَ بالشام ميِّتًا، رحمه اللَّه، ثم نظرتُ إلى أفقهِ الناسِ بعدَه، فأتيتُ عبدَ اللَّه بنَ مسعود، فقال لي: كيف أنتَ إذا أتَتْ عليكم أمراءُ يُصلُّون الصلاةَ لغير ميقاتِها؟ قال: فقلتُ: ما تأمُرني إن أدرَكَني ذلك؟ قال: صلِّ الصلاةَ لوقتها، واجعَلْ ذلك معهم سُبْحةً. وإسناده صحيح. وهذا الحديث عزاه المتّقي الهندي أيضًا في كنز العمّال ٧/ ٦٤١ (٢٠٦٧٥) لأبي داود عن معاذ. فلعل ذِكر معاذٍ في سياق هذا الحديث أوْهمَ أنه من روايته؛ وليس الأمر كما ذُكر، واللَّه تعالى أعلم.
سادسًا: الاستدلال بالأحاديث الضعيفة:
ومع براعة الحافظ ابن عبد البر في الحديث والفقه، فهو مثل غيره من الفقهاء، كثيرًا ما يستدل بالأحاديث الضعيفة من غير أن يُنبه إلى ضعفها، مع أنَّ بعضَها من الضعيف الذي لا يصلح للاستدلال به، لعدم ثبوته عن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فكان لا بد من بيان صحة ما استدل به من ضعفه، وهو صنيعُنا في تحقيقنا لهذا الكتاب النفيس، وأرى من المفيد أن أقدم بعض أمثلة من ذلك من طبعتنا:
فقد استدل بخبر "صلاةُ النهار عَجْماء"(٣/ ٦٨) فبيّنا أنَّ هذا إنما يروى عن الحسن البصري، وأبي عُبيدة -وهو ابن عبد اللَّه بن مسعود- من قولهما، أخرجه عنهما عبد الرزاق في المصنف ٢/ ٤٩٣ (٤١٩٩) و (٤٢٠١)، وابن أبي شيبة في المصنف (٣٦٨٤) و (٣٦٨٥). ولم يرد في كتب السُّنة مرفوعًا إلا ما وقع عند أبي إسحاق الشيرازي في المهذَّب ١/ ١٤٢ قال: روى أبو هريرة رضي اللَّه عنه أنّ النبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال:"إذا رأيتم مَن يجهر بالقراءة في صلاة النهار فارمُوه بالبَعر" ويقال عن صلاة النهار