للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حديثٌ عاشرٌ لهشام بنِ عُروةَ

مالكٌ (١)، عن هشام بن عُروةَ، عن أبيه، عن عائشة، أنَّ رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "مُروا أبا بكر فلْيُصلِّ للناس"، فقالت عائشة: إن أبا بكر إذا قامَ مقامَك لم يُسمِع الناسَ من البكاء، فمُرْ عمرَ فليُصلِّ للناس، قال: "مُروا أبا بكر فلْيُصلِّ للناس"، قالت عائشة: فقلتُ لحفصة: قولي له: إن أبا بكر إذا قامَ في مقامِك لم يُسمِع الناسَ من البكاء، فمُرْ عمرَ فليُصلِّ للناس. ففعلَتْ حفصةُ، فقال رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إنكنَّ لأنتُنَّ صواحبُ يوسُف، مُروا أبا بكر فلْيُصلِّ للناس". فقالت حفصةُ لعائشة: ما كنتُ لأُصيبَ منكِ خيرًا.

في هذا الحديث من الفقه: أنّ القومَ إذا أجمعوا للصلاةِ فأحقُّهم وأوْلاهُم بالإمامة فيها أفضَلُهم (٢) أفقَهُهم؛ لأنَّ أبا بكر قدَّمه رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- للصلاةِ بجماعةِ أصحابه، ومعلومٌ أنهم كان فيهم مَن هو أقرأُ منه ولا سيّما أُبيُّ بنُ كعب وابنُ مسعودٍ وزيدٌ ومعاذ (٣). وهذه مسألةٌ اختلفَ فيها السلف:

فقال مالكٌ (٤): يؤُمُّ القومَ أعلمُهم إذا كانت حالُه حسنةً، وللسِّنِّ حقٌّ. قيل له: فأكثرُهم قرآنًا؟ قال: لا، قد يقرأُ مَن لا يكونُ فيه خير.

وقال الثوريُّ: يؤمُّهم أقرؤهم، فإن كانوا سواءً فأعلمُهم بالسُّنة، فإن استوَوْا فأسنُّهم.


(١) الموطأ ١/ ٢٤٢ (٤٧٣).
وأخرجه البخاري (٦٧٩) عن عبد اللَّه بن يوسف التِّنِّيسيِّ، و (٧١٦) و (٧٣٠٣) عن إسماعيل بن أبي أويس، والترمذي (٣٦٧٢) من طريق معن بن عيسى القزّاز، والنسائي في الكبرى ١٠/ ١٣٣ (١١١٨٨) من طريق عبد الرحمن بن القاسم، أربعتهم عن مالك، به.
(٢) قوله: "أفضلهم" استدركه ناسخ الأصل بعد المقابلة وصحح عليه.
(٣) قوله: "وابن مسعود وزيد ومعاذ" استدركه ناسخ الأصل في الحاشية وصحّح عليه.
(٤) المدوّنة ١/ ١٧٦ - ١٧٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>