للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حديثٌ تاسعَ عشَرَ لهشام بنِ عُروةَ

مالكٌ (١)، عن هشام بنِ عُروة، عن أبيه، عن عائشة، أنَّ رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ذكَر صفيةَ بنتَ حُيٍّ فقيل: إنها قد حاضَتْ. فقال رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لعلَّها حابِسَتُنا"، فقالوا: يا رسولَ اللَّه، إنّها قد طافَتْ، فقال رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "فلا إذَنْ".

هذا حديثٌ لا خلافَ بين فقهاءِ الأمصارِ بالحجازِ والعراقِ والشام في القولِ به، وأنّ المرأةَ إذا حاضَت بعدَ طوافِها بالبيتِ طوافَ الإفاضةِ، أنها تنفِرُ ولا تنتظِرُ طُهْرَها لطوافِ الوداع، وأنّ طوافَ الوداع ساقطٌ عنها، ولا شيءَ في ذلك عليها، ولا يُحبَسُ عليها كَريٌّ ولا غيرُه (٢) اتباعًا لهذا الحديث، وهو أمرٌ مجتمَعٌ عليه عندَهم، وقد ذكَرْنا هذه المسألةَ وما فيها عن السلف، وما يجبُ في المرأة لو كان حيضُها قبلَ طوافِ الإفاضة، وما في ذلك كلِّه ووجوهَه ممهدًا في بابِ عبدِ اللَّه بنِ أبي بكر من هذا الكتاب (٣)، والحمدُ للَّه.


(١) الموطّأ ١/ ٥٥١ (١٢٣٤).
(٢) قوله: "ولا يُحبَس عليها كَرِيٌّ أو غيرُه" الكَرِيُّ: الشَّخصُ الذي أكرى دابَّته لمرأةٍ. والكراءُ: الإجارة.
وقوله: "أو غيرُه" كزوج المرأة أو مُحْرِمها.
والمراد أنّ المرأة إذا حاضَت أو نُفِسَت قبل أن تطُوف طواف الوداع فإن كرِيَّها -أي الذي أجّر دابَّته لها- ووليَّها، مَحْرَمًا كان أو زوجًا، لا يُحبس، أي: لا يُجبَر على الإقامة معها مقدار حيْضِها واستظهارِها، أو مقدار نفاسِها إلى زوال المانع فتطوف. ينظر: النهاية في غريب الحديث ٤/ ١٧٠، وشرح مختصر خليل للخرشيّ ٢/ ٣٤٣.
(٣) سلف ذلك في أثناء شرح الحديث الثاني عشر له عن أبيه عن عمرة بنت عبد الرحمن عن عائشة رضي اللَّه عنها.

<<  <  ج: ص:  >  >>