للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حديثٌ سابعٌ وخمسونَ لهشام بنِ عُروة

مالكٌ (١)، عن هشام بنِ عُروة، عن أبيه، أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "اجعَلوا مِن صلاِتكم في بيوتكم".

وهذا مُرسلٌ في "الموطأ" عندَ جميعهم (٢)، وقد رواه عبيدُ الله بنُ عمرَ العُمَريُّ، عن نافع، عن ابنِ عمر، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - (٣).

واختُلف في معنى هذا الحديث؛ فقيل: "مِن صلاتِكم" يريدُ المكتوبة. وقيل: النافلة.

ومَن قال: إنها المكتوبة؛ فلقوله - صلى الله عليه وسلم -: "أفضلُ الصلاةِ صلاتُكم في بيوتِكم إلّا المكتوبة" (٤). فكيف يأمرُهم بما قد أخبَرهم أنَّ غيرَه أفضلُ منه؟! ومعروفٌ أن حرفَ "مِن" حقيقتُه التبعيضُ؛ لِمَا في ذلك من تعليم الأهل حُدودَ الصَّلاةِ مُعاينةً، وهو أثبتُ أحيانًا من التَّعليم بالقول.

وقيل: أرادَ بقول هذا النّافلة على أن معنى قوله: "اجعلوا مِن صلاتِكم في بيوتِكم". أي: اجعلوا صلاتَكم في بيوتِكم؛ يعني النّافلة، وتكون "مِن" زائدة؛ كقولهم: ما جاءني مِن أحدٍ (٥).


(١) الموطّأ ١/ ٢٣٨ (٤٦٣).
(٢) رواه في موطّئه عن مالك مرسلًا: أبو مصعب الزُّهري (٥٥٥)، وسويد بن سعيد (١٨٠).
(٣) أخرجه أحمد في المسند ٨/ ٢٧٨ (٤٦٥٣)، والبخاري (٤٣٢) و (١١٨٧)، ومسلم (٧٧٧)، وأبو داود (١٠٤٣) و (١٤٤٨)، والترمذي (٤٥١).
(٤) أخرجه مالك في الموطّأ ١/ ١٨٩ (٣٤٤) عن أبي النضر مولى عمر بن عبيد الله، عن بُسْر بن سعيد، عن زيد بن ثابت رضي الله عنه.
وأخرجه البخاري (٧٣١)، ومسلم (٧٨١) (٢١٤) من طريق موسى بن عقبة، عن أبي النضر، به.
(٥) على القول الأول أن "مِنْ" للتبعيض، وهذا حكاه القاضي عياض في إكمال المعلم ٣/ ٨٣ عن البعض، وأن معناه: "اجعلوا بعض فرائضكم في بيوتكم ليقتدي بكم مَن لا يخرُج إلى المسجد =

<<  <  ج: ص:  >  >>