للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما ما جاء في "الموطأ" من حديثِ هشام بنِ عُروةَ موقوفًا وهو مرفوعٌ مسندٌ في غير "الموطأ" عندَ جماعةٍ مِن العلماء، فمِن ذلك حديثُ مالك (١)، عن هشام بنِ عُروة، عن أبيه، عن رجل من المهاجرين - لم يرَ به بأسًا - أنه قال: سألتُ عبدَ الله بنَ عمرِو بنِ العاص: أأُصلِّي في أعطانِ الإبل؟ قال: لا، ولكن صلِّ في مُرَاح الغنم. ومثلُ هذا من الفرقِ بينَ الغنم والإبل لا يُدركُ بالرأي، والعَطَنُ: موضعُ بُرُوكِ الإبلِ بينَ الشَّرْبتَين؛ لأنها في سَقْيِها ترِدُ الماءَ مرّتَين؛ طائفةً بعدَ أخرى.

وقد روَى هذا الحديثَ يونسُ بنُ بكير، عن هشام بنِ عُروة، عن أبيه، عن عبدِ الله بنِ عمرِو بنِ العاص، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، أنه قال: "صلُّوا في مُراحِ الغنم،


= من نسوةٍ وغيرهنّ". وقال الحافظ ابن حجر في الفتح ١/ ٥٢٩: "وهذا وإن كان محتملًا، لكنّ الأوّل هو الراجح" وقال: "وقد بالغَ الشيخ محيي الدين - يعني النوويّ - فقال: "لا يجوز حمْلُه على الفريضة".
وبمثل ما قاله ابن حجر ذهب العيني في شرحه على سنن أبي داود ٤/ ٣٥٢، ولكنه أضاف: "على أنّ الأصحَّ منع مجيء "مِنْ" زائدةً في الكلام المُثبَت، ولا يجوز حمْلُ الكلام على الفريضة، لا كلها، ولا بعضها، لأنّ الحثَّ على النّفْل في البيت، وذلك لكونه أخفى وأبعد من الرِّياء، وأصوَنَ من المحيطات، وليتبرَّك البيتُ بذلك، وتنزل الرَّحمةُ فيه والملائكة، وينفر الشيطان منه".
قلنا: والجمهور على الأوّل أي أنها في النَّفل، لقوله - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الذي رواه مسلم (٧٧٨) من حديث أبي سفيان طلحة بن نافع الواسطي عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا قضى أحدكم الصلاة في مسجده، فلْيَجعَلْ لبيته نصيبًا من صلاته، فإنّ الله جاعلٌ في بيته من صلاته خيرًا".
(١) الموطأ ١/ ٢٤٠ (٤٦٩)، وأخرجه ابن أبي شيبة في المصنَّف (٣٩٠٤)، وعنه ابن المنذر في الأوسط ٢/ ٣١٣ (٧٧٠) كلاهما عن عبدة بن سليمان، عن هشام بن عروة، به.

<<  <  ج: ص:  >  >>