للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حديثٌ ثانٍ لعبدِ اللَّه بن دينارٍ، عنِ ابنِ عُمرَ

مالكٌ (١)، عن عبدِ اللَّه بن دينارٍ، عن عبدِ اللَّه بن عُمرَ، أنَّ رسُولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "منِ ابتاعَ طعامًا، فلا يَبِعْهُ حتّى يَقْبِضَهُ".

ظاهِرُ هذا الحديثِ يُوجِبُ التَّسويةَ بين ما بيعَ من الطَّعام جُزافًا، وبينَ ما بيعَ منهُ كَيْلًا، أن لا يُباعَ شيءٌ من ذلك كلِّهِ حتّى يُقبَضَ؛ لأنَّ رسُولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لم يخُصَّ في هذا الحديثِ طعامًا من طعام، ولا حالًا من حالٍ، ولا نوعًا من نوع.

وفي ظاهِرِ هذا الحديثِ أيضًا، ما يدُلُّ على أنَّ ما عدا الطَّعامَ لا بأسَ ببيعِهِ قبلَ قَبْضِهِ؛ لأنَّ رسُولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- خصَّ الطَّعام بالذِّكرِ دُون غيرِهِ.

وهذانِ مَوْضِعانِ تنازَعَ فيهما العُلماءُ قديمًا وحديثًا، وقد ذكَرْنا ما لهم في ذلك من الأقوالِ والاعتِلالِ، في بابِ نافع، من هذا الكِتابِ، فلا معنى لإعادةِ ذلك هاهُنا.

وأمّا الطَّعامُ الذي لا يُباعُ قبلَ القَبْضِ عندَ مالكٍ وأصحابِه:

فقال مالكٌ، فيما ذكَرَ ابنُ وَهْبٍ وغيرُهُ عنهُ: لا يجُوزُ بيعُ ما يُؤكلُ أو يُشرَبُ قبلَ القَبْضِ، لا من البائع، ولا من غيرِهِ، سواءٌ كان بعينِهِ، أو بغيرِ عينِهِ (٢).

وقال ابنُ القاسم، عن مالكٍ مثلَ ذلك، إلّا أَنَّهُ اسْتَثنى الماءَ، فقال: الماءُ وحدَهُ يجُوزُ بيعُه قبلَ القَبْضِ (٣).

وقال ابنُ القاسم: قال مالكٌ: لا تبِع المِلحَ، والكُسبرَ، والشُّونيزَ، والتَّوابِلَ، حتّى تَسْتوفيَها (٤).


(١) في الموطأ ٢/ ١٦٧ (١٨٦٤).
(٢) انظر: المدونة ٣/ ١٣٤.
(٣) من قوله: "وقال ابن القاسم" إلى هنا، لم يرد في الأصل، م. وانظر: المدونة ٣/ ١٣٢.
(٤) انظر: المدونة ٣/ ١٣٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>