للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال: وأمّا زِرِّيعةُ الجَزرِ، وزِرِّيعةُ السِّلقِ، والكُرّاثِ، والجِرجيرِ، والبَصلِ، وما أشْبَههُ، فلا بأسَ أن تبيعَهُ قبلَ أن تَسْتَوفيَهُ؛ لأنَّ هذا ليسَ بطعام، ويجُوزُ فيه التَّفاضُلُ، وليسَ كزِرِّيعةِ الفُجلِ، الذي منهُ الزَّيتُ، هذا طعامٌ؛ لأنَّ الزَّيت فيه (١).

قال: وقال مالكٌ: الطَّعامُ كلُّهُ لا يجُوزُ بيعُهُ قبلَ القَبْضِ، إذا اشْتُري كيلًا، فإنِ اشتُري جُزافًا جازَ (٢).

ولا خِلافَ عن مالكٍ وأصحابِهِ في غيرِ المأكُولِ والمشرُوبِ، ونَحْوِ الثِّيابِ وسائرِ العُرُوضِ، العَقارِ وغيرِه، أنَّهُ يجُوزُ بَيْعُها قبلَ قَبْضِها، مِمَّنِ اشترَى منهُ ومن غيرِهِ، وكذلك إذا أسلفَ فيها، يجُوزُ بيعُها من الذي هي عليه، ومن غيرِهِ، إلّا أَنَّهُ إذا باعَها مِمَّن هي عليه في السَّلم، لم يَبِعْها إلّا بمِثلِ رأسِ المالِ، أو بأقلَّ، لا يُزادُ على رأسِ مالِهِ، ولا يُؤَخِّرُهُ، وإن باعَهُ منهُ بعَرْضٍ، جازَ قبلَ الأجَلِ وبَعدهُ، إذا قبَضَ العَرْضَ ولم يُؤَخِّرهُ، وكان العَرْضُ مُخالِفًا لها بيِّنًا خِلافُهُ.

هذا كلُّهُ أصلُ قولِ مالكٍ في هذا الباب وجُملتُهُ.

وأمّا فُرُوعُ هذا البابِ، ونَوازِلُهُ، فكَثِيرةٌ جِدًّا، على مَذْهبِ مالكٍ وأصحابِهِ، ولهم في ذلك كُتُبٌ مَعرُوفةٌ، قد أكْثرُوا فيها من التَّنزيلِ والتَّفريع على المذهبِ، فمَنْ أرادَ ذلك تأمَّلها هُنالِك.

ولا خِلافَ عن مالكٍ وأصحابِهِ: أنَّ الطَّعامَ كلَّهُ، المأكُولَ والمشرُوب، غيرَ الماءِ وحدَهُ، لا يجُوزُ بيعُ شيءٍ منهُ قبلَ قَبْضِهِ، إذا بيعَ على الكَيْلِ أوِ الوَزنِ، لا من البائع لهُ، ولا من غَيرِهِ، لا من سَلْم ولا من بَيعْ مُعايَنةٍ، لا بأكثرَ من الثَّمنِ ولا بأقلَّ (٣).


(١) انظر: المدونة ٣/ ١٣١.
(٢) انظر: المدونة ٣/ ١٣٤.
(٣) المصدر السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>