للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حديثٌ خامسٌ لهشام بنِ عُروةَ

مالكٌ (١)، عن هشام بنِ عُروة، عن أبيه، عن عائشة، أنَّ رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إذا نَعَسَ أحدُكُم في صلاتِه، فليَرْقُدْ حتى يذْهَبَ عنه النَّوم، فإنّ أحدَكُم إذا صلَّى وهو ناعِسٌ لا يدْرِي لعلَّه يذهَبُ يستَغفِرُ فيَسُبُّ نفسَه".

في هذا الحديث دليلٌ على أنّ الصلاةَ لا ينبغي أن يقرَبَها مَن لا يعقِلُها ويعقِلُ حدودَها، وقد قال الضحّاكُ بنُ مُزاحم في قول اللَّه عزَّ وجلَّ: {لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى} [النساء: ٤٣]. قال: من النوم.

وأما معنى هذا الحديث فبيّنٌ لا مدخلَ للقول فيه، إلا أنَّ الاستدلالَ منه بأنّ النُّعاسَ والنومَ اليسيرَ لا ينقُضُ الصَّلاة استدلالٌ صحيحٌ، وإذا لم يَنقُض الصلاةَ لم يَنقُض الوُضوء، وقد مضى القولُ في أحكام النوم في باب أبي الزناد (٢)، والحمدُ للَّه.

وفي هذا الحديث أيضًا دليلٌ على أنّ ما شغَل القلبَ عن الصلاة، وعن خُشُوعها، وتمام ما يجبُ فيها، فواجبٌ تركُه، وواجبٌ ألّا يُصلِّيَ المرءُ إلّا وقلبُه مُتفرِّغٌ لصلاتِه، ليكونَ متيقِّظًا فيها مُقبلًا عليها، وباللَّه التوفيق.

حدَّثنا عبدُ الوارث بنُ سفيان، قال: حدَّثنا قاسمُ بنُ أصبغَ، قال: حدَّثنا ابنُ وَضّاح (٣)، قال: حدَّثنا موسى بنُ معاوية، قال: حدَّثنا وكيعٌ، عن سَلَمة،


(١) الموطّأ ١/ ١٧٤ (٣٠٩).
وأخرجه البخاري (٢١٢) عن عبد اللَّه بن يوسف التِّنِّيسيِّ، ومسلم (٧٨٦) عن قتيبة بن سعيد، وأبو داود (١٣١٠) عن عبد اللَّه بن مسلمة القعنبي، ثلاثتهم عن مالك، به.
(٢) سلف ذلك في الحديث الثالث والعشرين له عن الأعرج عن أبي هريرة رضي اللَّه عنه، عن النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وهو في الموطأ ١/ ٥٤ (٤٠).
(٣) هو محمد بن وضّاح بن بزيع.

<<  <  ج: ص:  >  >>