كلَّ عُنْصرٍ من تمهيد التَّرجمة يُكَوِّن وحدةً مستقلة، وأنَّ النقل عن كل مورد من الموارد التي اعتمدها المُصَنف يكوّن بطبيعته وحدة قائمة بذاتها تنتهي عند الانتهاء من النقل.
وتحديد الانتهاء من النقل عن المورد قد يكون سَهْلًا عند توفر ذلك المورد، لكنه يُصْبح غاية في الصعوبة في بعض الأحيان عند عدم الوقوف عليه وعدم وجود إشارة تدل عليه.
تقييد النص بالحركات:
وعُنيتُ عنايةً بالغة بتقييد النَّص وضَبْطه بالحركات، لا سيما فيما يَشْتَبه من الألفاظ وأسماء النّاس وكُناهم وأنسابهم وألقابهم وأسماء البلدان والمواضع، وما رأيته حريًا بالتقييد من اللُّغة والنَّحو ومتون الأحاديث النبوية الشريفة، وربما قَيَّدتُ ما أخشَى وقوع التَّصحيف والتَّحريف ضَبْطًا بالحروف في الهامش زيادةً في التحري.
ومع أنني انتفعتُ من الضَّبْط الذي جاءَ في بعض النُّسخ العتيقة من التمهيد، لكنني اعتمدتُ في كل فنٍّ كتبه الخاصة وإن لم أُشِر إلى ذلك، فعدتُ في تَقْييد اللغة وضَبْطها إلى مُعجمات اللغة، مثل "الصحاح" للجوهري، و"القاموس" للفيروزآبادي، و"اللسان" لابن منظور، و"التاج" للسيد الزَّبيدي. واعتمدت في ضَبْط الأنساب على كتاب أبي سعد السَّمْعاني ومختصره "اللباب" لابن الأثير. وركنتُ في تقييد المواضع والبلدان إلى "معجم البلدان" لياقوت الحموي ومختصره المسمى "مراصد الاطلاع" لابن عبد الحق البغدادي.
أما أسماء النّاس فهي أولى الأشياء بالعناية والضبط لأنه شيءٌ لا يدخُلُه القياس ليس هناك شيءٌ قبله يدل عليه ولا شيءٌ بعده يدل عليه، ولي في ذلك، بحمد اللَّه ومَنِّه، شيءٌ من معرفة تأتَّت من طُول معاناةٍ لكتب الرجال، وكثرة إدمان في مطالعة كُتب المُشْتبه منذ الصِّبا، وفي خزانة كتبي مؤلفات الدارقطني، وعبد الغني بن سعيد المِصْري، والخطيب، والجَيّاني، وابن ماكولا، والذيول عليه لابن نقطة، ومنصور بن سَلِيم الإسكندراني، والصّابوني، ثم كتاب الذهبي العظيم "المشتبه" وشَرْحَيْهِ للحافظين