للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وردُّوا حديثَ عطاء، عن عائشةَ؛ قولَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "طوافُكِ يُجزئُك لحجِّكِ وعمرتِكِ" (١) بأنّ عروةَ روَى عنها: "انْقُضي رأْسَكِ، وامْتَشِطي، ودَعِي العُمرةَ، وأهلِّي بالحجِّ". قالوا: فكيف يكونُ طوافُها في حجَّتِها التي أحْرَمَتْ بها بعدَ ذلك يُجزئُ عنها مِن حجَّتِها تلك ومِن عُمْرَتِها التي رفَضتْها وترَكَتْها؟ هذا مُحالٌ. وزَعَموا أنَّ حديثَ عطاء، عن عائشة، لم يُتابَعْ عليه ابنُ أبي نَجيح، وأنَّ حديثَ عطاء، عن جابر، رواه أبو الزُّبير، عن جابر، فجعَلَه في السَّعْي، قال: لم يَطُفِ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - وأصحابُه بينَ الصفا والمروةِ إلَّا طوافًا واحدًا (٢).

وسنَزِيدُ القولَ في إدْخالِ العمرةِ على الحجِّ، وفي طَوافِ القارِن بيَانًا في بابِ نافِع مِن كتابِنا هذا إن شاء الله (٣).

وفي قولِ عائشةَ في حديثِ مالك: وأمَّا الذين أهَلُّوا بالحجِّ، أو جمَعوا الحجَّ والعُمْرةَ، فإنَّما طافوا طوافًا واحدًا، دليلٌ على أنَّ الحاجَّ يُجزِئُه في حجِّه، إذا كان مُفْردًا أو قارنًا، طوافٌ واحِدٌ، ويقْضي بذلك فَرْضَه، فإن جعَلَه الطَّوافَ يومَ النَّحْر (٤)، ووصَله بالسَّعْي، لم يكنْ عليه شيءٌ في تَرْكِ طَوافِ القُدوم غيرُ الدَّم، وإن كان مَعْذُورًا في تَرْكِه لم يأْثَم. والطَّوَافُ الموصولُ بالسَّعْي في حينِ دُخولِ مكَّة، لمالكٍ وأصحابِه في نِيابتِه عن طواف الإفاضة مذْهَبٌ نَذْكُرُهُ في بابِ نافع إن شاء الله.


(١) سلف تخريجه في سياق شرح الحديث الرابع لجعفر بن محمد عن أبيه.
(٢) أخرجه أحمد في المسند ٢٢/ ٣٠٦ (١٤٤١٤)، ومسلم (١٢١٥) (١٤٠) من طريق يحيى بن سعيد عن عبد الملك بن جريج، به.
(٣) وهو مولى ابن عمر، في الحديث الثاني والخمسين له.
(٤) في ج، م: "فإن جعل الطواف يوم النحر"، والمثبت من الأصل، ف ٢، وهو الأليق.

<<  <  ج: ص:  >  >>