للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للحاضِرةِ التي حَضَرتهُم من أهلِ الباديةِ، ليَبُثُّوا لُحُومَها فيهم، فأمّا الآنَ فليأكُلُوا وليدَّخِرُوا" (١).

وقد ثبتَ عنِ النَّبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أنَّهُ قال: "كنتُ نهيتُكُم عن زيار القُبُورِ فزُورُوها، ونَهَيتكم عن لُحُوم الأضاحيِّ بعدَ ثلاثٍ فكُلُوا، وادَّخِرُوا، وتزوَّدُوا" (٢).

وقد ذكَرْنا الآثارَ بذلك في بابِ ربيعةَ، من كِتابِنا هذا.

وتكلَّمنا على معاني هذا الحديثِ هُناكَ، بما يُغني عن إعادتِهِ هاهُنا، وباللَّه توفيقُنا.

أخبَرَنا خلَفُ بن القاسم وعبدُ اللَّه بن محمدِ بن أسدٍ، قالا: حدَّثنا عبدُ اللَّه بن جعفرِ بن الوَردِ، قال: حدَّثنا بكرُ بن سَهْلٍ والوليدُ بن العبّاسِ بن مُسافِرٍ، قالا: حدَّثنا أبو صالح عبدُ اللَّه بن صالح (٣)، قال: حدَّثنا اللَّيثُ، قال: حدَّثني عُبيدُ اللَّه بن أبي جَعْفرٍ، عن أبي الأسودِ، عن هشام بن عُروةَ، عن يحيى بن سَعيدٍ، عن عَمْرةَ بنتِ عبدِ الرَّحمنِ، عن عائشةَ، أنَّها قالت في لَحْم الضَّحايا: كُنّا نُصلِحُ منهُ، ويَقْدَمُ فيه النّاسُ إلى المدينةِ، وقال لنا رسُولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا تأكُلُوا إلّا ثلاثةَ أيام". ليسَ بالعَزيمةِ، ولكِن أرادَ أن يُطعِمُوا منهُ (٤).

فهذا الحديثُ يُبيِّنُ لكَ معنى النَّهي عن أكلِ لُحُوم الضَّحايا: أنَّهُ كان ندبًا إلى الخيرِ لا إيجابًا.

وفي إسنادِ هذا الحديثِ رِوايةُ النَّظيرِ عنِ النَّظيرِ، والكبيرِ عنِ الصَّغيرِ، وعلى هذا كان السَّلفُ رضي اللَّه عنهُم أجمعين.


(١) أخرجه الدارمي (١٩٥٩) عن محمد بن عبد اللَّه الرقاشي، به. وانظر: المسند الجامع ٢٠/ ١٢٧ - ١٢٨ (١٦٩٢٣).
(٢) سلف بإسناده في شرح الحديث الحادي عشر لربيعة بن أبي عبد الرحمن، وهو في الموطأ ١/ ٦٢٣ - ٦٢٤ (١٣٩٤)، وانظر تخريجه في هناك.
(٣) في م: "حدثنا أبو صالح، حدثنا عبد اللَّه بن صالح"، وهو تحريف بيّن، فأبو صالح هو عبد اللَّه بن صالح كاتب الليث.
(٤) أخرجه الطبراني في الأوسط ٣/ ٢٦٠، ٢٧٤ (٣٠٨٦، ٣١٢٧) من طريق بكر بن سهل، به. وأخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار ٤/ ١٨٨ - ١٨٩، من طريق أبي صالح، به.

<<  <  ج: ص:  >  >>