للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الخليلُ (١): والدّافّةُ، قومٌ يدِفُّونَ، أي: يسيرُونَ سيرًا ليِّنًا، وتَدافَّ القومُ، إذا ركِبَ بعضُهُم بعضًا في قِتالٍ، أو نحوِهِ.

وأمّا قولهُا: "حَضرةَ الأضحى" فمعناهُ: في وقتِ الأضْحَى، وفي حينِ الأضْحَى.

وأمّا قولُهُ: ويجمُلُون منها (٢) الوَدكَ. فمعناهُ يُذيبُونَ منها الشَّحم، والوَدَكُ: الشَّحمُ، يُقالُ منهُ: جملْتُ الشَّحمَ، وأجملتُهُ، واجتملْتُهُ، أي: أذبتَهُ، والاجتِمالُ: الادِّهانُ بالجميل، وهي الإهالةُ.

وأمّا قولُهُ في هذا الحديثِ: نَهَى رسُولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عن أكلِ لُحُوم الضَّحايا بعدَ ثلاثٍ، فقد بانَ في هذا الحديثِ الوَجْهُ والعِلّةُ، التي من أجْلِها نَهَى رسُولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عن أكلِ لُحُوم الضَّحايا بعدَ ثلاثٍ، وأنَّ ذلك إنَّما كان من أجلِ الدّافّةِ التي دفَّت عليهم من المساكينِ، ليُطعِمُوهُم ويُواسُوهُم.

حدَّثنا إبراهيمُ بن شاكِرٍ، قال: حدَّثنا عبدُ اللَّه بن محمدِ بن عُثمانَ. وأخبرنا عبدُ العزيزِ بن عبدِ الرَّحمنِ، قال: حدَّثنا أحمدُ بن مُطرِّفٍ. قالا: حدَّثنا سعيدُ بن عُثمانَ الأعناقيُّ، قال: حدَّثنا أحمدُ بن عبدِ الملكِ بن صالح، قال: حدَّثنا محمدُ بن عبدِ اللَّه الرَّقاشيُّ، قال: حدَّثنا يزيدُ بن زُرَيع، قال: حدَّثنا محمدُ بن إسحاقَ، قال: حدَّثنا عبدُ اللَّه بن أبي بكرٍ، عن عَمْرةَ بنتِ عبدِ الرَّحمنِ، عن عائشةَ، قالت: كان رسُولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قد نَهَى عن لُحُوم الأضاحيِّ بعدَ ثَلاثٍ، فلمّا كان في العام القابِلِ، وضَحَّى النّاسُ. قالت: قلتُ: يا رسُولَ اللَّه، إن كانت هذه الأضاحيُّ لَتَرْفُقُ النّاسَ (٣) كانوا يدَّخِرُونَ من لُحُومِها ووَدَكِها، قال: "فما مَنَعهُم من ذلك؟ " قلتُ: يا نبيَّ اللَّه، أولم تَنْههُم عامَ الأوَّلِ عن أن جملُوا لُحُومَها بعدَ ثلاثٍ؟ قال: "إنَّما نَهَيتُ عن ذلك


(١) العين ٨/ ١١.
(٢) في م: "ويحملون من"، والمثبت من ي ١.
(٣) في ي ١: "بالناس"، والمثبت من الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>