للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تلكَ، فينزِلُ بها، فلذلكَ فعلَ مِثلَ ذلك بالمُعرَّسِ، لا أنَّهُ كان يَراهُ واجِبًا على النّاسِ، ولو كان واجِبًا لقالَ فيه رسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم- وأصحابُهُ للنّاسِ ما يقِفُونَ عليه.

وقال إسماعيلُ بن إسحاقَ: ليسَ نُزُولُهُ -صلى الله عليه وسلم- بالمُعرَّسِ، كسائرِ مَنازِلِ طريقِ مكَّةَ؛ لأنَّهُ كان يُصلِّي الفَرِيضةَ حَيْثُ أمْكَنهُ، والمُعرَّسُ إنَّما كان يُصلِّي فيه (١) نافِلةً، ولا وجهَ لمن زهَّدَ النّاسَ في الخيرِ. قال: ولو كان المُعرَّسُ كسائرِ المنازِلِ، ما أنكَرَ ابنُ عُمرَ على نافع ما تَوهَّمهُ عليه من التَّأخُّرِ عنهُ.

قال: وحدَّثنا أبو ثابتٍ، عن ابن أبي حازِم، عن موسى بن عُقبةَ، عن نافع، أنَّ ابنَ عُمرَ سَتقهُ إلى المُعرَّسِ، وأبْطَأ عليه نافعٌ، فقال لهُ: ما حبَسكَ؟ قال: فأخبرتُهُ، فقال: ظَننتُ أنَّكَ أخذتَ الطَّريقَ الأُخرَى، ولو فعلتَ لأوجَعتُكَ ضربًا.

وروى اللَّيثُ، عن نافع مِثلَهُ.

قال إسماعيلُ: وحدَّثنا إبراهيمُ بن الحجّاج، عن عبدِ العزيزِ بن المُختارِ، عن موسى بن عُقبةَ، عن سالم، عن أبيهِ: أنَّ النَّبيَّ -صلى الله عليه وسلم- نَزَلَ في المُعرَّسِ من ذي الحُلَيفةِ في بَطْنِ الوادي، فقيل لهُ: إنَّكَ ببطحاءَ مُبارَكة (٢).

قال أبو عُمر: وأمّا المُحصَّبُ، فمَوْضِعٌ قُربَ مكَّةَ في أعْلَى المدينة (٣)، نزَلهُ أيضًا رسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم-، وكان مالكٌ وغيرُهُ يستحِبُّونَ النُّزولَ به، والمبيتَ والصَّلاةَ فيه، وجعلَهُ بعضُ أهلِ العِلْم من المناسِكِ التي يَنْبغي للحاجِّ نُزُولُها والمبيتُ فيها.


(١) شبه الجملة سقط من م.
(٢) أخرجه الطبراني في الكبير ١٢/ ٢٩٩ (١٣١٧٢) من طريق عبد العزيز بن المختار، به. وأخرجه أحمد في مسنده ٩/ ٢٤٢ (٥٥٩٥)، والبخاري (١٥٣٥، ٢٣٣٦، ٧٣٤٥)، ومسلم (١٣٤٦)، والنسائي في المجتبى ٥/ ١٢٦ - ١٢٧، وفي الكبرى ٤/ ١٩ (٣٦٢٦)، وابن خزيمة (٢٦١٦)، وأبو يعلى (٥٤٦٠)، وأبو عوانة (٣٧٠٠)، والبيهقي في الكبرى ٥/ ٢٤٥، من طريق موسى بن عقبة، به. وانظر: المسند الجامع ١٠/ ٢٩٦ - ٢٩٧ (٧٥٣٧).
(٣) في ف ٣: "قرب المدينة في أعلى المدينة".

<<  <  ج: ص:  >  >>