للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومرَّةً قال: المُصيبةُ من البائع أبدًا حتَّى يَقْبِضهُ المُبتاعُ (١). وهُو قولُ سعيدِ بن المُسيِّب، وإليه ذهَبَ ابنُ القاسم، جعلَ النَّماءَ، والنّقصانَ، والموتَ في ذلك من البائع أَبدًا (٢)، حتَّى يَقْبِضهُ المُبتاعُ (٣).

وتحصيلُ قولِ مالكٍ في هذه المسألةِ في بيع الغائبِ خاصَّةً على الصفةِ، أو على رُؤيةٍ كانت، أنَّ البيعَ إذا انْعقَدَ في ذلكَ، أو في شيءٍ منهُ، فهلكَ المبيعُ بعد الصَّفقةِ، وقبل القَبْضِ، أنَّ مُصيبتهُ من البائع، إلّا أن يكونَ المُشتري قدِ اشترطَ عليه البائعُ أنَّ المُصيبةَ مِنكَ إن أدركَتهُ الصَّفقةُ حيًّا، وهُو أحدُ قولي مالكٍ.

وقد كان مالكٌ يقولُ: إنَّ المُصيبةَ من المُبتاع، إلّا أن يُشترطَ أنَّها من البائع، حتَّى يقبِضها مُبتاعُها (٤). والشَّرطُ عِندهُ في ذلك لمنِ اشْتَرطهُ نافِعٌ لازِمٌ.

وذكَرَ إسماعيلُ بن إسحاقَ، عن عبدِ الملكِ بن الماجِشُون: أنَّ بيعَ الصِّفةِ، ما يحدُثُ فيه بعدَ الصَّفقةِ ليسَ فيه عُهدةٌ، وأنَّهُ كبيع البَراءةِ، ومُصيبتُهُ أبدًا قبل القَبْضِ من المُبتاع.

ولا يجُوزُ عِندَ مالكٍ النَّقدُ في بيع الغائبِ من العُرُوضِ كلِّها، حَيَوانًا أو غيرهُ، إذا كانت غَيْبتُهُ (٥) بعيدةً، فإذا كانت غيبتُهُ قريبةً، مِثل اليَوم واليومينِ، جازَ النَّقدُ فيه.

وقدِ اختلَفَ أصحابُ مالك (٦) عنهُ، واختلَفتْ أقوالُهُم في حدِّ المغيبِ الذي يجُوزُ فيه النَّقدُ في الطَّعام والحَيَوانِ، مِمّا يطُولُ ذِكرُهُ، ولا خِلافَ عنهُم: أنَّ النَّقدَ في العَقارِ المأمُونِ كلِّهِ جائزٌ، إذا لَمْ يَكُن بيعَ خيارٍ.


(١) انظر: المدونة لسحنون ٣/ ٢٠٤.
(٢) قوله: "أبدًا" من ظا.
(٣) في الأصل: "من المبتاع"، ولا يصح.
(٤) انظر: المدونة لسحنون ٣/ ٢٦٠.
(٥) في الأصل: "غيبةً"، والمثبت من بقية النسخ.
(٦) في ظا، ض: "أصحابه". بدل: "أصحاب مالك".

<<  <  ج: ص:  >  >>