للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال مالكٌ: يجُوزُ بيعُ السِّلع كلِّها، وإن لَمْ يَرَها المُشْتري إذا وَصفها لهُ، ولم يَشْترِطِ النَّقد. قال: فإن لَمْ يَصِفها لَمْ يَجُز، ولا يجُوزُ بيعُ الغائبِ عِندَهُ البتَّةَ، إلّا بالصِّفةِ، أو على رُؤيةٍ تَقدَّمت (١).

واختلفُوا أيضًا في بيع الغائبِ على الصِّفةِ، فقال مالكٌ: لا بأسَ ببيع الأعْيانِ الغائبةِ على الصِّفةِ، وإن لَمْ يَرَها البائعُ ولا المُشتري إذا وصفُوها، فإذا جاءَت على الصِّفةِ، لَزِمهُما البيعُ، ولا يكونُ لواحِدٍ منهُما خيارُ الرُّؤيةِ، إلّا أن يَشْترِطهُ، فإنِ اشْتَرطهُ، كان ذلك لهُ (٢). وبقولِ مالكٍ في ذلكَ قال أحمدُ بن حَنْبل، وإسحاقُ بن راهُويَة، وأبو عُبيدٍ، وأبو ثورٍ.

وقال أبو حَنِيفةَ وأصحابُهُ، والثَّوريُّ، والأوزاعيُّ: جائزٌ بيعُ الغائبِ على الصِّفةِ، وعلى غيرِ الصِّفةِ، وُصِفَ أو لَمْ يُوصَفْ، وللمُشتري خيارُ الرُّؤيةِ إذا رآهُ (٣).

وروى محمدُ بن كثيرٍ، عن الأوْزاعيِّ في بيع الغائبِ على الصِّفة: أنَّهُ جائزٌ ويَلْزمُ البائعَ والمُشْتريَ إذا وافقَ الصِّفةَ، ولا خيارَ في ذلكَ. كقول مالكٍ سواءً، وإن لَمْ يُوافِق الصِّفةَ فلَهُ الخيارُ. إلّا أن الأوْزاعيَّ فيما رَوَى عنهُ محمدُ بن كثيرٍ، يجعلُ المُصيبةَ من المُشْتَري، إذا كان على الصفةِ، وإن لَمْ يَقْبِضهُ المُشْتري، على مذهبِ ابن عُمرَ.

واختلَفَ قولُ مالكٍ في هذا الموضِع، فمرَّةً قال: المُصيبةُ من المُشْتَري إذا خرجَ البيعُ على الصفةِ، وأدركَتهُ الصَّفقةُ على ذلكَ حيًّا سالمًا، قَبَضهُ أو لَمْ يَقْبِضهُ (٤). وهُو قولُ ابن عُمرَ، وسُليمان بن يَسارٍ (٥).


(١) انظر: المدونة لسحنون ٣/ ٢٥٥.
(٢) هذه الحرف لَمْ يرد في الأصل.
(٣) انظر: مختصر اختلاف العلماء ٣/ ٧٤.
(٤) انظر: المدونة لسحنون ٣/ ٤٧٣.
(٥) انظر: سنن الدارقطني ٤/ ٦ (٣٠٠٦)، وشرح معاني الآثار للطحاوي ٤/ ١٦، والمدونة لسحنون ٣/ ٢٥٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>