للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سعِيدٌ: من صلَّى على جِنازةٍ فلهُ قِيراطٌ، ومن تَبعها حتَّى تُقبر فلهُ قِيراطانِ، والتَّخلُّفُ في المسجدِ أحبُّ إليَّ، أذكُرُ اللهَ وأُهلِّلُ وأُسبِّحُ وأستغفِرُ، فإنَّ الملائكةَ تقُولُ: اللَّهُمَّ اغفِر لهُ، اللَّهُمَّ ارحمهُ، فإذا فعَلتُ، تقُولُ الملائكةُ: اللَّهُمَّ اغفِر لسعِيدِ بن المُسيِّبِ (١).

قال: وحدَّثنا سُفيانُ، عن عُثمان بن الأسودِ، عن مُجاهِدٍ قال: الصَّلاةُ على الجنائزِ، أفضلُ من صلاةِ التَّطوُّع (٢).

قال أبو عُمر: هذا أصحُّ في النَّظرِ؛ لأنَّ الفُرُوضَ التي على الكِفالة، أفضلُ من النَّوافِلِ.

وقد بان في حديثِ سعِيدٍ هذا، أنَّ الصَّلاةَ المذكُورةَ في هذا الحديثِ الدُّعاءُ. وللصَّلاةِ في كلام العربِ وُجُوهٌ. قال أبو بكر ابنُ الأنبارِيِّ: والصَّلاةُ تنقسِمُ في كلام العربِ على ثلاثةِ أقسام: تكونُ الصَّلاةَ المعرُوفةَ التي فيها الرُّكُوعُ والسُّجُودُ، كما قال عزَّ وجلَّ: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} [الكوثر: ٢].

قال أبو عُمر: وأنشد نِفطُويةُ في هذا المعنى قولَ الأعْشَى (٣)، وهُو جاهِلِيٌّ:

نُراوِحُ من صَلَواتِ الملِيـ ... ـكِ طَوْرًا سُجُودًا وطَورًا حَوارَا

الحَوارُ هاهُنا: الرُّجُوعُ إلى القِيام والقُعُودِ، ومن هذا قولُهُم: البَكَرةُ تدُورُ على المِحْورِ.

ومن هذا قولُ النّابِغةِ الذُّبيانِيِّ (٤):

أو دُرَّةٌ صدفِيَّةٌ غوّاصُها ... بهِجٌ متى يَرَها يُهِلُّ ويَسْجُدُ


(١) أخرجه ابن المبارك في الزهد (٣، زيادات نعيم بن حماد) من طريق حكيم بن رزيق، به.
(٢) أخرجه ابن المبارك في الزهد (٤، زيادات نعيم بن حماد) من طريق حكيم، به.
(٣) انظر: ديوانه، ص ٥٣.
(٤) في ي ١، ت: "الجعدي". وانظر: البيت في ديوان النابغة الذبياني، ص ٣٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>