للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والبُصاقُ، والنُّخامةُ، والنُّخاعةُ، كلُّ ذلك مُتقارِبٌ، وقد فسَّرنا ذلك في بابِ هشام بن عُروةَ، من هذا الكِتابِ. والتَّنخُّعُ والتَّنخُّمُ، ضربٌ من التَّنحنُح.

ومعلُومٌ أنَّ للتَّنخُّم صوتًا (١) كالتَّنحنُح، ورُبَّما كان معَهُ ضربٌ من النَّفخ عندَ القَذْفِ بالبُصاقِ، فإنْ قصدَ النّافِخُ أوِ المُتنحنِحُ في الصَّلاةِ بفِعلِهِ ذلك اللَّعِبَ، أو شيئًا من العَبَثِ، أفسَدَ صلاتَهُ.

وأمّا إذا كان نفخُهُ تأوُّهًا من ذِكرِ النّارِ، إذا مرَّ به ذِكرُها في القُرآنِ وهُو في الصَّلاة (٢)، فلا شيءَ عليه.

واختلَفَ الفُقهاءُ في هذا المعنى من هذا البابِ (٣)، فكان مالكٌ يكرهُ النَّفخَ في الصَّلاةِ، فإن فَعَلهُ فاعِلٌ لم يقطعْ صلاتَهُ، ذكَرهُ ابنُ وَهْب، عن مالك (٤).

وذكر ابنُ خُوَيْز مَنْداد، قال: قال مالكٌ: التَّنحنُحُ والنَّفخُ والأنينُ في الصَّلاةِ لا يقطعُ الصلاةَ؛ رَواهُ ابنُ عبدِ الحكم، قال: وقال ابنُ القاسم: ذلك يقطعُ الصَّلاةَ. يعني النَّفخَ، والتَّنحنُح.

وقال الشّافِعيُّ: كلُّ ما كان لا يُفهمُ منهُ حُرُوفُ الهِجاءِ، فليسَ بكلام، ولا يَقْطعُ الصلاةَ إلّا الكلامُ.

وهُو قولُ أبي ثَوْرٍ: لا يَقْطعُ الصَّلاةَ إلّا الكلامُ المفهُومُ.

وقال أبو حَنِيفةَ ومحمدُ بن الحسنِ: إن كان النَّفخُ يُسمَعُ، فهُو بمَنْزِلةِ الكلام يَقْطعُ الصَّلاةَ (٥).


(١) في الأصل: "التنخم صوت".
(٢) في ظا، م: "صلاته".
(٣) تنظر آراء الفقهاء في: الأوسط لابن المنذر ٣/ ٢٤٥، والإشراف، له ٢/ ٥٢، ومختصر اختلاف العلماء للطحاوي ١/ ٣٠١ ومنه ينقل.
(٤) انظر: المدونة ١/ ١٩٤.
(٥) مختصر اختلاف العلماء ١/ ٣٠١.

<<  <  ج: ص:  >  >>