للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في التَّزْويج: بيَدِ مَن الطلاقُ؟ قال: بيَدِ العبدِ، قلتُ: إنَّ جابرَ بنَ زيدٍ يقولُ: بيَدِ السَّيِّد، قال: كَذَب جابر (١). يريدُ: غَلِطَ جابرٌ وأخطَأ، واللهُ أعلم.

وقد يَحتَمِلُ أن يكونَ قولُ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -: "الشُّؤْمُ في ثلاثة؛ في الدّارِ، والمرأةِ، والفَرَس"، كان في أوّلِ الإسلام خبَرًا عمّا كانت تَعتَقِدُه العربُ في جاهِليَّتِها على ما قالت عائشةُ، ثم نُسِخ ذلك وأبْطَلَه القرآنُ والسُّننُ.

وأمّا قولُه - صلى الله عليه وسلم - للقوم في قصةِ الدّار: "اتْرُكها ذَمِيمَةً" (٢)، فذلك، واللهُ أعلمُ، لما رَآه منهم، وأنّه قد كان رسَخَ في قُلوبِهم ممّا كانوا عليه في جاهِليَّتِهم، وقد كان - صلى الله عليه وسلم - رؤوفًا بالمؤمنين، يأخُذُ عَفْوَهم شيئًا شيئًا، وهكذا كان نُزولُ الفرائضِ والسُّنَنِ حتى اسْتَحْكَم الإسلامُ وكَمَلَ، والحمدُ لله (٣)، ثم بيَّن رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بعدَ ذلك لأولئك الذين قال لهم: "اتْرُكوها ذَمِيمَةً"، ولغيرِهم ولسائرِ أُمَّتِه، الصحيحَ بقولِه: "لا طِيَرةَ"، و"لا عَدْوَى"، واللهُ أعلمُ، وبه التَّوفيق (٤).


(١) أخرجه سعيد بن منصور في السنن (٨٠٩) عن حماد بن زيد، به، وأخرجه أيضًا عبد الرَّزاق في المصنَّف (١٢٩٦٦) عن معمر، عن أيوب، به، وابن أبي شيبة في المصنَّف (١٨٥٩٤) عن ابن عُليَّة، عن أيوب، به.
(٢) أخرجه البخاري في الأدب المفرد (٩١٨)، وأبو داود في السنن (٣٩٢٤) من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه، والحديث أخرجه مالك في الموطأ (٢٧٨٩) عن يحيى بن سعيد مُعضلًا، وسيأتي في آخر هذا الكتاب في الحديث الثاني والستين من حديث يحيى بن سعيد.
(٣) قال الخطَّابي في معالم السنن ٤/ ٢٣٧: قد يحتمل أن يكون إنَّما أمرهم بتركها والتَّحول عنها إبطالًا لما وقع في نفوسهم من أن المكروه إنما أصابهم بسبب الدَّار وسكناها، فإذا تحوّلوا عنها انقطعت مادة ذلك الوهم وزال ما كان خامرهم من الشبهة.
(٤) إلى هنا انتهى المجلد التاسع من الطبعة المغربية.

<<  <  ج: ص:  >  >>