للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كذَبْتُم وبيتِ الله نتْرُكُ مَكّةً ... ونظْعَنُ إلا أمْرُكُم في بَلابِلِ

كذَبْتُم وبيتِ الله نُبْزَى (١) محمدًا ... ولما نُطاعِنْ دُونَه ونُناضِلِ

ونُسْلِمُه حتى نُصَرَّعَ حولَه ... ونَذْهَلَ عن أبْنائِنا والحَلائِلِ

وقال بعضُ شُعراءِ هَمْدانَ (٢):

كذَبْتُم وبيتِ الله لا تأْخُذُونها ... مُراغَمَةً ما دامَ للسَّيفِ قائِمُ

وقال زُفَرُ بنُ الحارثِ العَبْسيُّ (٣):

أفي الحقِّ أمّا بَحْدَلٌ وابنُ بَحْدَلٍ ... فيَحْيَا وأمّا ابنُ الزُّبَيْرِ فيُقْتَلُ

كذَبْتُم وبيتِ الله لا تقْتُلونَه ... ولما يكنْ يومٌ أغَرُّ مُحَجَّلُ

ألا تَرى أنَّ هذا ليس من باب الكَذِبِ الذي هو ضِدُّ الصِّدقِ؟ وإنّما هو من بابِ الغَلَطِ وظَنِّ ما ليس بصحيح، وذلك أنَّ قريشًا زَعَمُوا أنّهم يُخْرِجُونَ بني هاشم من مكةَ إن لم يَترُكُوا جِوارَ محمدٍ - صلى الله عليه وسلم -، فقال لهم أبو طالب: كذَبْتُم، أي: غَلِطْتُم فيما قُلْتُم وظَنَنْتُم. وكذلك معنى قولِ الهَمْدانيِّ والعَبْسيِّ، وهذا مشهورٌ من كلام العرب.

ومن هذا ما ذكَرَه الحَسَنُ بنُ عليٍّ الحُلْوانيُّ، قال: حدَّثنا عارِمٌ، قال: حدَّثنا حمّادُ بنُ زيد، عن أيوب، قال: سألتُ سعيدَ بنَ جبيرٍ عن الرجل يأذَنُ لعبدِه


(١) في الرَّوض الأُنف ٢/ ٢٣ أي: نُسلَبُهُ ونُغْلب عليه.
(٢) هو عمرو بن براقة الهمداني، وانظر الأبيات في ديوانه، ص ٣٣، وممن خرَّجه ونسبه إليه: أبو علي القالي في الأمالي ٢/ ١٢٢، والوحشيات لأبي تمام، ص ٣١، والأغاني للأصبهاني ٢/ ١١٣ - ١١٤.
(٣) انظر: شرح حماسة أبي تمام للمرزوقي ٢/ ٦٤٩، والزّهرة لابن داود الأصبهاني ٢/ ٦٩٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>