للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حدَّثنا محمدُ بنُ عبدِ الله بنِ حَكَم، قال: حدَّثنا محمدُ بنُ معاويةَ بنِ عبدِ الرحمن، قال: حدَّثنا إسحاقُ بنُ أبي حَسّان، قال: حدَّثنا هشامُ بنُ عمّار، قال: حدَّثنا الوليدُ بنُ مسلم، عن سعيد، عن قتادةَ، عن أبي حَسّان، أنَّ رَجُلَيْن دَخَلا على عائشة، وقالا: إنّ أبا هريرةَ يُحدِّثُ أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "إنّما الطِّيَرَةُ في المرأةِ، والدّارِ، والدّابّة"، فطارَتْ شِقّةٌ منها في السماء، وشِقّةٌ في الأرض، ثم قالت: كَذَب، والذي أنزَل الفُرقانَ على أبي القاسم، مَن حدَّث عنه بهذا؟ ولكنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقولُ: "كان أهلُ الجاهليّةِ يقولونَ: الطِّيَرَةُ في المرأةِ، والدّارِ، والدّابَة". ثم قرأت عائشةُ: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ} [الحديد: ٢٢] (١).

قال أبو عُمر: أمّا قولُ عائشةَ في أبي هريرة: كَذَب، والذي أنزَل الفرقانَ. فإنَّ العربَ تقولُ: كذَبتَ، بمعنَى: غَلِطْتَ فيما قَدَّرْتَ، وأوْهَمْتَ فيما قُلْتَ، ولم تَظُن حقًّا، ونحوَ هذا، وذلك معروفٌ من كَلامِهم (٢)، موجودٌ في أشعارِهم كثيرًا، قال أبو طالب (٣):


(١) أخرجه الطبراني في مسند الشاميين ٤/ ٥٠ (٢٧٠٢) عن أحمد بن المُعلَّى، عن هشام بن عمار، به، كما أخرجه أحمد في المسند (٢٦٠٨٨) عن روح، عن سعيد، به.
(٢) قال ابن حبان في صحيحه عقب حديث (١٧٣٢): قول عُبادة: كذب أبو محمد، يريد: أخطأ، وكذلك قول عائشة حيث قالت لأبي هريرة، وهذه لفظة مستعملة لأهل الحجاز، إذا أخطأ أحدهم يُقال له: كذب.
وقال الزّبيدي في تاج العروس ٤/ ١٢٩: سمّاه كاذبًا لأنَّه شبيهه في كونه ضد الصَّواب، كما أنّ الكذب ضد الصدق، وإن افترقا من حيث النِّية والقصد، ثم ذكر أن الاجتهاد لا يدخله الكذب.
(٣) أبياتٌ من قصيدة طويلة تزيد عن مئة بيت في ديوانه، ص ٦٦ من بيت ٣١ - ٣٣، والأبيات أيضًا في سيرة ابن هشام ١/ ٢٤٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>