للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

روى سُفيانُ بن عُيينة، عن سالم بن أبي حَفْصةَ، قال: لمّا أُتي الحجّاجُ بسعيدِ بن جُبير، قال: إنَّهُ شقيٌّ ابنُ كُسير، فقال: ما أنا إلّا سعيدُ بن جُبير، بذلك سمّاني أبواي، قال: لأقتُلنَّكَ، قال: إذًا أكُونَ كما سمّاني أبي سعيدًا. وقال: دعُوني أُصلِّي ركعتينِ. فقال الحجّاجُ: وجِّهُوهُ إلى قِبلةِ النَّصارى. فقال سعيدٌ: {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} [البقرة: ١١٥]. قال: فضربَ عُنُقَهُ.

قال سُفيانُ: فلم يقتُل بعد سعيدِ بن جُبيرٍ إلّا رجُلًا واحِدًا (١).

قال أبو عُمر: هذا الحديثُ يُخرَّجُ في المُسندِ، لقولِ عبدِ الله بن عُمر للحجّاج: الرَّواحَ هذه السّاعةَ، إن كُنت تُريدُ السُّنَّة. ولقولِ سالم: إن كُنتَ تُريدُ أن تُصيب السُّنَّة، فاقصُرِ الخُطْبةَ وعجِّلِ الصَّلاة، وقولِ ابن عُمر: صدقَ.

وروى مَعْمَرٌ، عن الزُّهْريِّ: أنَّهُ كان شاهِدًا مع سالم وأبيهِ هذه القِصَّةَ مع الحجّاج، وذكر ذلك عبدُ الرَّزّاقِ (٢) وغيرُهُ، عن مَعْمر، عن الزُّهْريِّ، وذلك عند بعضِ (٣) أهلِ العِلم وَهَمٌ من مَعْمرٍ. وقال يحيى بن معينٍ: وهِمَ في ذلك مَعْمرٌ، وابنُ شِهابٍ لم يرَ ابنَ عُمرَ، ولا سمِع منهُ شيئًا. وقال أحمدُ بن عبدِ الله بن صالِح: وقد روى الزُّهْريُّ، عن عبدِ الله بن عُمر نحوَ ثلاثةِ أحاديث.

قال أبو عُمر: هذا مِمّا لا يُصحِّحُهُ أحدٌ سماعًا، وليس لابنِ شِهابٍ سماعٌ من ابن عُمر غيرُ حديثِ مَعْمرٍ هذا، إن صحَّ عنهُ.

وأمّا محمدُ بن يحيى الذُّهْليُّ النَّيسابُوريُّ، فقال: مُمكِنٌ أن يكونَ الزُّهْريُّ قد شاهدَ ابنَ عُمر مع سالم في قِصَّةِ الحجّاج، واحتجَّ بروايةِ مَعْمرٍ، وفيها:


(١) من قوله: "قد ذكرنا عبد الملك بن مروان" إلى هنا ورد في: ش ٤، ض، م.
(٢) سير أعلام النبلاء ٥/ ٣٢٧، وتهذيب التهذيب ٩/ ٣٩٨، ضمن ترجمة الزُّهْري.
(٣) هذه الكلمة سقطت من ض، م.

<<  <  ج: ص:  >  >>