للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهذا مذهبُ ابن عبّاسٍ وعليِّ بن أبي طالِبٍ.

على أنَّهُ قد رُوِي عن ابن عبّاسٍ رُجُوعُهُ إلى حدِيثِ أُمِّ سلمةَ، في قِصَّةِ سُبَيعةَ (١).

وممّا يُصحِّحُ هذا عنهُ: أنَّ أصحابهُ عِكْرِمةَ، وعطاءً، وطاوُوسًا، وغيرَهُم، على القولِ بأنَّ المُتوفَّى عنها الحامِلُ، عِدَّتُها أن تضَعَ حملها، على حدِيثِ سُبيعةَ.

وكذلك سائرُ العُلماءِ من الصَّحابةِ والتّابِعينِ، وسائرُ أهلِ العِلم أجمعِين، كلُّهُم يقولُ: عِدَّةُ الحامِلِ المُتوفَّى عنها، أن تضَعَ ما في بطنِها، من أجلِ حدِيثِ سُبيعةَ هذا.

وأمّا مذهبُ عليٍّ وابنِ عبّاسٍ في هذه المسألةِ، فمعناهُ: الأخذُ باليَقِينِ، لمُعارضةِ عُمُوم قولِهِ عزَّ وجلَّ، في المُتوفَّى عنهُنَّ: {يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} [البقرة: ٢٣٤]. ولم يخُصَّ حامِلًا من غيرِ حامل، وعُمُوم قولِهِ عزَّ وجلَّ: {وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: ٤]. ولم يخُصَّ مُتوفَّى عنها من غيرِها، فمن لم يبلُغهُ حدِيثُ سُبيعةَ، لزِمهُ الأخذُ باليقِينِ في عِدَّةِ المُتوفَّى عنها الحامِلِ، ولا يقِينَ في ذلك لمن جهِلَ السُّنَّةُ في سُبَيْعةَ، إلّا الاعتِدادُ بآخِرِ الأجَلَينِ.

ومِثالُ هذا مسألةُ أُمِّ الولدِ تكونُ تحت زَوْج، قد زوَّجها منهُ سيِّدُها، ثُمَّ يمُوتُ سيِّدُها (٢)، ويمُوتُ زوجُها، ولا تدرِي أيَّهُما (٣) ماتَ قبلَ صاحِبِهِ، فإنَّها تعتدُّ من حِينِ ماتَ الآخِرُ منهُما أربعةَ أشهُرٍ وعَشْرًا، فيها حَيْضةٌ، وعلى هذا


(١) أخرجه الطبري في تفسيره ٥/ ٧٩ (٥٠٧١)، وابن أبي حاتم في تفسيره ٢/ ٤٣٦ (٢٣١٥)، والبيهقي في الكبرى ٧/ ٤٢٧.
(٢) هذه الكلمة لم ترد في الأصل، ت.
(٣) في الأصل، ت: "أيتهما".

<<  <  ج: ص:  >  >>