للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَوَيْنا عن محمدِ بنِ يحيى بنِ سَلَّامٍ، عن أبيه، قال: ينبغِي للعالم أن يحمِلَ الناسَ على الرُّخصةِ والسَّعَةِ، ما لَمْ يَخفِ المأثَمَ.

وأخبرنا محمدُ بنُ إبراهيمَ، قال: حَدَّثَنَا سعيدُ بنُ أحمدَ بنِ عبدِ ربِّه وأحمدُ بنُ مُطرِّفٍ، قالا: حَدَّثَنَا سعيدُ بنُ عثمانَ، قال: حَدَّثَنَا يونسُ بنُ عبدِ الأعلى، قال: حَدَّثَنَا سفيانُ بنُ عُيينةَ، عن معمرٍ، قال: إنَّما العلمُ أن تسمَعَ بالرُّخصةِ مِن ثِقَةٍ، فأمَّا التَّشديدُ فيُحسِنُه كلُّ أحدٍ (١).

وفي هذا الحديث دليلٌ على أنَّ للعالمِ (٢) أن يتجافَى عن الانتقامِ لنَفسِه ويَعفوَ ويأخُذَ بالفضلِ، إن أحَبَّ أن يتَأسَّى بنبيِّه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وإن لَمْ يُطِقْ كُلًّا فبعضًا، وكذلك السلطانُ، قال اللهُ عزَّ وجلَّ لنبِيِّه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم: ٤]. قال المفسِّرون: كان خُلقُه ما قال اللهُ تعالى: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} [الأعراف: ١٩٩]. وعلى العالِم أن يغضَبَ عندَ المُنكرِ ويغيِّره، إذا لَمْ يكنْ لنفسِه.

وفي معنَى هذا الحديثِ: ألَّا يَقضِيَ الإنسانُ لنفسِه ولا يحكُمَ لها، ولا لمَن في ولايَتِه. وهذا ما لا خِلافَ فيه، واللّهُ أعلم.

وهذا الحديثُ ممَّا روَاه منصورُ بنُ المعتمِرِ، عن ابنِ شهابٍ:

أخبرني عبدُ الرحمنِ بنُ يحيى، قال: حَدَّثَنَا أحمدُ بنُ سعيدٍ، قال: حَدَّثَنَا عبدُ الملكِ بنُ بَحْرٍ، قال: حَدَّثَنَا موسى بنُ هارونَ، قال: حَدَّثَنَا العباسُ بنُ الوليدِ،


(١) أخرجه المصنّف في جامع بيان العلم وفضله (١٤٦٨) من طريق يونس بن عبد الأعلى، به، ومن طريق ابن عبد البرّ المذكورة هنا أخرجه عليّ بن المفضّل بن مفرِّج المقدسي في كتاب "الأربعون المرتّبة على طبقات الأربعين" ص ٥٢٥.
(٢) في ف ٢: "على العالم"، والمثبت من الأصل وبقية النسخ.

<<  <  ج: ص:  >  >>