وما ذكره بعضهم من إعلال الرواية الموصولة من جهة ضعف مطر الورّاق، فقد ذهب الدارقطني إلى تصحيح روايته لمتابعة بشر بن السَّري - وهو ثقةٌ متقن من أصحاب مالك - له عن مالك، ولأنهما ثقتان عنده، فقال في علله ٧/ ١٣ (١١٧٥) بعد أن ذكر الاختلاف فيه على ربيعة بن أبي عبد الرَّحمن: "وحديث مطرٍ وبشر بن السَّريّ متَّصلًا، وهما ثقتان". بل وذهب البيهقيُّ إلى أبعد من ذلك، فقال في معرفة السُّنن والآثار ٧/ ١٨٥ (٩٧٥٥) بإثر تخريجه لرواية مطرٍ المرفوعة، فيما نقله عن أحمد بن حنبل: "مطرُ بن طهمان الورّاق، قد احتجَّ به مسلم بن الحجّاج، ومن يحتجُّ في كتابه بمثل أبي بكر بن أبي مريم، والحجّاج بن أرطاة، وموسى بن عبيدة، وابن لهيعة، ومحمد بن دينار الطاحيّ، وبمَن هو أضعف منهم، لا ينبغي له أن يرُدَّ رواية مطير الوراق، كيف والحُجَّة عليه في أصله برواية مالك قائمة". قلنا: توثيق الدارقطني لمطر الوراق هنا فيه نظر، فقد قال هو في التتبع (ص ٢٠٩): "ليس بالقوي"، وقد ضعّفه الأئمة: يحيى بن سعيد القطان، وأحمد بن حنبل، وابن معين، والنسائي، وأبو داود، وابن سعد، والعقيلي، وابن عدي، وشَدّد بعضهم على تضعيفه في عطاء خاصة، وقال أبو زرعة وأبو حاتم: صالح الحديث، وقال البزار: ليس به بأس (تحرير التقريب ٦٦٩٩، وتهذيب الكمال ٢٨/ ٥١ - ٥٥ وتعليقنا عليه)، فمثله ومثل بشر بن السري لا يقفان أمام رواية مالك وسليمان بن بلال والدراوردي الذين رووه مرسلًا، فالمرسل هو الأصح. أما قول البيهقي واستدلاله برواية مسلم له، فإن مسلمًا، بل والبخاري، ينتقيان ما صح من أحاديث الضعفاء، وهذا ليس منها.