شيء عليه، وأنَّ الوُقُوف بعرفَةَ في الوقتِ المذكُورِ على حسَبِ ما ذكرنا، هُو المُفترضُ، وجمعُ الصَّلاتينِ بها سُنَّةٌ مع الإمام.
وقد جاء في ذلك حديثٌ خالفهُ الإجماعُ، ذكرهُ عبدُ الرَّزّاقِ، قال: قلتُ للثَّوريِّ: إنَّ ابن عُيَينةَ حدَّثني، عن عَبْدةَ بن أبي لُبابة، عن سُويدِ بن غَفَلةَ، أنَّ عُمر بن الخطّابِ قال: من فاتتهُ الصَّلاةُ مع الإمام يوم عرفَةَ، فلا حجَّ لهُ. فقال لي: إنَّها قد جاءت أحاديثُ لا يُؤخذُ بها، وقد تُرِكت، هذا منها، وما يضُرُّهُ أن لا يشهدَها مع الإمام بعرفَةَ؟ قال الكَشْوَريُّ: قلتُ لابنِ أبي عُمر: أتعرِفُ هذا الحديث لابنِ عُيينة؟ قال: لا أعرِفُهُ.
قال: وأمّا قولُ القَعْنبيِّ وأشهب، عن مالكٍ في هذا الحديثِ: وعجِّلِ الوُقُوف، فإنَّ السُّنَّة التي لا اختِلافَ فيها: أنَّ الإمام إذا فرغ من الصَّلاتينِ، ركِبَ مُعجِّلًا، وراح إلى الموقِفِ، وكذلك يصنعُ كلُّ من معهُ ما يُركبُ؛ لأنَّ الوُقُوف بعرفَةَ راكِبًا أفضلُ إن شاء اللهُ لمن قدرَ عليه، وقف رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - راكِبًا، ومن وقف راجِلًا فلا شيءَ عليه (١).
(١) انظر حديث جابر المطول، بخبر حجة النبي - صلى الله عليه وسلم -، أخرجه مسلم (١٢١٨) (١٤٧)، وقد سلف تخريجه.