للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفيه: ما كان عليه رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- من التواضع (١)، وأنَّه كان يعودُ الفقراء، فجائزٌ للخليفةِ أن يعودَ المرضَى، وإن تواضعَ وعادَ المساكينَ وشهِد جنائزَهم، كان أفضلَ وأسنَى، وكان جديرًا أن يُعَدَّ من الخلفاء.

وفيه: إباحةُ عيادةِ النِّساء وإنْ لم يكُنَّ ذواتِ مَحْرم. ومحلُّ هذا عندي أن تكونَ المرأةُ مُتجالَّةً (٢)، وإنْ كانت غيرَ مُتجالَّةٍ فلا، إلّا أن يُسألَ عنها ولا يُنظُرَ إليها.

وفيه: ما كان عليه رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- من الخُلُقِ الجميلِ في العفوِ، وأنَّه أمَر أصحابَه فلم يفعَلوا ما أُمِروا به، ولم يُعاتبْهم.

وفيه: إجازةُ الإذنِ بالجنازةِ، وذلك ردٌّ على من قال: لا تُشعِروا بي أحدًا. وقد كان جماعةٌ يكرَهونَ ذلك، ورخَّصَ فيه آخرونَ، ودلائلُ السُّنَّةِ تدُلُّ على جوازِ ذلك، والحمدُ لله.

فأمَّا الذين كرِهوا ذلك؛ فابنُ مسعودٍ وأصحابُه، واختُلِفَ في ذلك عن ابنِ عمرَ، وإبراهيمَ.

ذكر عبدُ الرَّزَّاق (٣)، عن الثوريِّ، عن أبي حمزةَ، عن إبراهيمَ، عن علقمةَ، قال: الإيذانُ بالجنازةِ من النَّعي، والنَّعيُ من أمرِ الجاهليَّةِ. قال إبراهيمُ: إذا كان عندَك مَن يحمِلُ الجِنازةَ فلا تُؤذِنْ أحدًا؛ مخافةَ أن يُقالَ: ما أكثرَ من اتَّبعَه.


(١) وقع في م: "وفيه من الفقه أنه جائز أن يتحدث بأحوال الناس من التواضع"، وهو خلط واضطراب واضح.
(٢) يعني: كبيرةً مُسِنَّةً. يقال: امرأة تجالَّت؛ أي: أسَنَّت وكَبِرَت. (اللسان مادة "جلل").
(٣) في المصنَّف ٣/ ٣٩٠ (٦٠٥٤) واقتصر فيه على قول إبراهيم. وأخرجه ابن أبي شيبة في المصنَّف (١١٣٢٢) من طريق علي بن مُدرك عن إبراهيم، به. واقتصر فيه على قول علقمة.
أبو حمزة: هو ميمون الأعور، وإبراهيم: هو ابن يزيد النخعي، وعلقمة: هو ابن قيس النخعي.

<<  <  ج: ص:  >  >>