العاص وعائشة وأبي رافع ومحمد بن عبد اللَّه بن جحش، أخرج الأحاديث الأربعة الدارقطني، ومن حديث عمر أخرجه ابن أبي شيبة وأبو عبيد أيضًا".
وتعقبناه على قوله في الاضطراب الواقع في هذا الحديث، بقولنا: في كلام ابن عبد البر هذا أوهام منها: قوله: إنَّ مالكًا قد أخطأ في هذا الإسناد، وفي ذلك نظر شديد، فإن محمد بن عبد اللَّه بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة قد رواه عن أبيه وعن يحيى بن عمارة وعن عباد بن تميم، وهذا ليس باضطراب، فإن روايته عن الثلاثة جائزة، وأنَّ هذه الطرق محفوظة جميعًا، كما قرره محمد بن يحيى الذهلي فيما نقله عنه البيهقي (٤/ ١٣٤)، وابن حجر في الفتح ٣/ ٤١٢، وكما سيأتي من أدلة. وأما قوله: إنَّ محمدًا، وأباه، وأخاه ليسوا بالمشاهير فمردود عليه أيضًا، فهم ثقات معروفون في كتب العلم. وأما قوله: إنَّ البخاري لم يخرج حديث مالك عن محمد، عن أبيه في الزكاة للاختلاف عليه فيه فهو خطأ فاحش منه رحمه اللَّه، فقد أخرجه البخاري في موضعين من الصحيح: الأول من طريق عبد اللَّه بن يوسف التنيسي، عن مالك (٢/ ١٤٧ حديث ١٤٥٩)، والثاني من طريق يحيى بن سعيد القطان عن مالك (٢/ ١٥٦ حديث ١٤٨٤). وقد ساق الروايات جميعًا في ترجمة محمد بن عبد اللَّه بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة من تاريخه الكبير (١/ الترجمة ٤٢١).
ولو كان يعتقد أن في هذه الروايات اضطرابًا لما ساقها في الصحيح.
وقال المؤلف في تمهيد الحديث نفسه، موهِّمًا الإمامَ مالك بقوله: "اتَّفقَ ابنُ إسحاقَ والوليدُ بن كثيرٍ، على مخُالَفةِ مالكٍ في هذا الحديثِ، فجَعلاهُ: عن محمدٍ هذا، عن يحيى بن عُمارةَ وعبّادِ بن تميم، عن أبي سعيدٍ. وجعلهُ مالكٌ: عن محمدٍ، عن أبيهِ، عن أبي سعيدٍ. وهُو عِندَ أكثرِ أهل العِلم بالحديثِ وهمٌ من مالكٍ، واللَّهُ أعلمُ". (٨/ ٢١٦).
فتعقبناه بقولنا: هذا الكلام قاله الدارقطني في الأحاديث التي خولف فيها مالك (٥١)، لكنه لَمْ يرجح. على أن إخراج البخاري لهذا الحديث من طريق مالك