للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسعيدُ بن أبي عَرُوبةَ، فإنِ اتَّفقُوا، لَمْ يُعرَّج على من خالَفهُم في قَتادةَ، وإنِ اختلَفُوا نُظِرَ، فإنِ اتَّفقَ منهُمُ اثنانِ، وانفردَ واحدٌ، فالقولُ قولُ الاثنينِ، لا سيَّما إن كان أحدُهُما شُعبةَ، وليسَ أحدٌ بالجُملةِ في قَتادةَ مِثلَ شُعبةَ؛ لأنَّهُ كان يُوقِفُهُ على الإسنادِ والسَّماع، وهذا الذي ذكرتُ لكَ قولُ جماعةِ أهلِ العِلم بالحديثِ.

وقدِ اتَّفقَ شُعبةُ وهشامٌ في هذا الحديثِ على سُقُوطِ ذِكْرِ الاسْتِسعاءِ فيه، وتابَعهُما همّامٌ، وفي هذا تَقْويةٌ لحديثِ ابن عُمرَ، وهُو حديثٌ مدنيٌّ صحيحٌ، لا يُقاسُ به غيرُهُ، وهُو أولى ما قيلَ به في هذا البابِ، وباللَّه التَّوفيقُ. (٩/ ١٧١).

فتعقبناه بقولنا: هكذا قال، وفي قوله نظر، فقد قال الترمذي: سألتُ محمدًا (يعني: البخاري) عن هذا الحديث، يعني: حديث السعاية، فقلت: أي الروايتين أصح؟ فقال: الحديثان جميعًا صحيحان، والمعنى فيه قائم، وذكر فيه عامتهم عن قتادة السعاية إلَّا شعبة، وكأنّه قوى حديث سعيد بن أبي عروبة في أمره بالسعاية. ترتيب علل الترمذي (٣٦٢).

وهذا الحديث مما تتبعه الدارقطني على البخاري ومسلم لإخراجهما السعاية فيه، وأنها مدرجة (التتبع، رقم ٢٥)، وقال الحافظ ابن حجر بعد أن أورد أقوال من قال بالإدراج، وأجاد: "وهكذا جزم هؤلاء بأنه مُدْرج، وأبى ذلك آخرون، منهم صاحبا الصحيح فصححا كون الجميع مرفوعًا، وهو الذي رجحه ابنُ دقيق العيد وجماعة؛ لأنَّ سعيد بن أبي عروبة أعرف بحديث قتادة لكثرة ملازمته له وكثرة أخذه عنه من همام وغيره، وهشام وشعبة -وإن كانا أحفظ من سعيد- لم ينافيا ما رواه، وإنما اقتصرا من الحديث على بعضه، وليس المجلس متحدًا حتى يتوقف في زيادة سعيد، فإن ملازمة سعيد لقتادة كانت أكثر منهما فسمع منه ما لم يسمعه غيره، وهذا كله لو انفرد، وسعيد لم ينفرد، وقد قال النسائي في حديث أبي قتادة عن أبي المليح في هذا الباب بعد أن ساق الاختلاف فيه على قتادة: هشام وسعيد أثبت في قتادة من همام، وما أعل به حديث سعيد من كونه اختلط أو تفرد به مردود؛ لأنه في الصحيحين

<<  <  ج: ص:  >  >>