للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذكَر عبدُ الرزاق (١)، عن الثوريِّ، عن عُبيدِ الله بنِ عمرَ، عن نافع، عن ابن عمرَ، قال: إذا أُعتِقت تحتَ حُرٍّ فلا خيارَ لها.

وفي تَخييرِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - بَريرةَ بعدَ أن بِيعَت من عائشةَ دليلٌ على أنَّ بيعَ الأمَةِ ليس بطلاقٍ لها، وفي ذلك بُطلانُ قولِ مَن قال: بَيعُ الأمَةِ طلاقُها؛ لأنَّ بيعَها لو كان طلاقًا لم يُخيِّرْها رسولُ - صلى الله عليه وسلم - في أنْ تبقَى مع مَن طُلِّقَتْ عليه، أو تُطلِّقَ نفسَها؛ لأنَّه مُحالٌ أنْ تُخيَّرَ وهي مطلَّقةٌ. وهذا واضحٌ يُغني عن الإكثارِ فيه، وهذا القولُ يُروَى عن بعضِ الصحابةِ، وأكثرُ الفقهاءِ على خلافِه لحديثِ بريرةَ هذا، واللهُ أعلمُ، وقد أوضَحنا هذا المعنَى في باب هشام بن عروةَ (٢).

وأمَّا قولُه - صلى الله عليه وسلم -: "الولاءُ لمن أعتَقَ" فإنَّه يدخُلُ في قولِه: "لِمَن أعتَق" كُلُّ مالكٍ نافذٍ أمرُه مُستقرٍّ مِلكُه، من الرجالِ والنساءِ البالغين، إلّا أنَّ النساءَ ليس لهُنَّ من الولاءِ إلّا ما أعتَقْنَ، أو ولاءُ معتَقِ مَن أعْتَقْنَ؛ لأنَّ الولاءَ للعَصَباتِ، وليس لِذوي الفُروضِ مَدخلٌ في مِيراثِ الولاءِ، إلّا أن يكونوا عَصَبةً، وليس النساءُ بعَصبَةٍ.

روَى ابنُ المباركِ، عن يونسَ بن يزيدَ، عن الزُّهريِّ، أنَّه أخبَره، عن سالم: أنَّ ابنَ عمرَ كان يَرِثُ (٣) مواليَ عمرَ دونَ بناتِ عمرَ (٤).


(١) في المصنَّف ٧/ ٢٥٤ (١٣٠٢٧). وإسناده إلى ابن عمر رضي الله عنهما صحيح.
(٢) سيأتي في الحديث الثاني والعشرين لهشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها في موضعه إن شاء الله تعالى.
(٣) في ك ٢: "يورث"، وما أثبتناه من ق وهو الموافق لما في سنن الدارمي والمدوَّنة.
(٤) أخرجه سحنون في المدوّنة ٢/ ٥٨٩ عن يونس بن يزيد الأيليّ، به. وأخرجه الدارمي في سننه (٣١٤٨) من طريق عبد الله بن وهب المصري عن يونس بن بزيد، به. وإسناده صحيح.
سالم: هو ابن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما.
وينظر: الأوسط لابن المنذر ٧/ ٥٣٩، وشرح السُّنة للبغوي ٨/ ٣٥٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>