للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم بعَث إليها رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فخطَبها، فقالت: مرحبًا برسولِ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أو قالت: مرحبًا باللّه ورسولِه - أقْرِئْ رسولَ الله السلامَ، وأخْبِرْه أنِّي امْرَأةٌ غَيْرَى، وأنا مُصْبِيةٌ (١)، وليس أحدٌ من أوليائي شاهِدًا.

قال: فقال لها رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "أمَّا قولُكِ: إنِّي غَيْرَى. فإنِّي سأدْعُو اللهَ أنْ يُذْهِبَ غَيْرَتَكِ، وأمَّا قولُك: إنِّي مُصْبِيَةٌ. فإنَّ اللهَ سيكفيكِ، وأمَّا أولياؤُكِ، فليس أحدٌ منهم شاهدًا ولا غائبًا إلّا سَيَرْضَاني". فقالت لابْنِها: قُمْ يا عمرُ، فزوِّجْ رسولَ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. فزَوَّجَها، فقال لها رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "أمَا إنِّي لا أنْقُصكِ مما أعْطيتُ أُختَكِ فلانةَ؛ جرَّتين، ورَحًى، ووِسادةً من أَدَمٍ حَشْوُها ليفٌ". قال: وكان رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يأتيها وهي تُرْضِعُ زينبَ، فكان إذا جاءَ رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أخَذَتْها فوَضَعَتْها في حَجْرِها تُرْضِعُها، وكان رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَييًّا كريمًا، فرجَع، فنظَر إليها عَمَّارُ بنُ ياسرٍ، وكان أخاها من الرَّضَاعةِ، فأرادَ رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن يأتيَها ذاتَ يوم، فجاءَ عمَّارٌ فدخَل عليها، فانْتشَط زينبَ من حَجْرِها، وقال: دَعِي هذه المقبوحةَ المَشقُوحَةَ (٢) التي قد آذَيْتِ بها رسولَ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. فجاءَ رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فدخَل، فجعَل يَلتَفِتُ يَنظُرُ في البيتِ ويقولُ: "أينَ زُنابُ؟ ما فعَلتْ زُنابُ؟ ما لي لا أرَى زُنابَ؟ ". فقالت: جاءَ عمارٌ فذهَب بها. فبَنَى رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بأهلِه، وقال لها: "إنْ سبَّعْتُ لكِ سَبَّعْتُ لنِسَائي" (٣).


(١) قولها: "إنِّي امرأةٌ مُصْبِية" أي: ذات صِبْيانٍ وأيتام. النهاية في غريب الحديث والأثر ٣/ ١١.
(٢) قوله: "المشقوحة" من الشَّقْح: وهو المكسور، أي المُبْعَد. لسان العرب (شقح).
(٣) أخرجه الترمذي (٣٥١١)، والنسائي في الكبرى ٩/ ٣٩٢ (١٠٨٤٢ - ١٠٨٤٤) من طرق عن حمّاد بن سلمة، به مختصرًا، وقال الترمذي: حسنٌ غريب من هذا الوجه، وإنما اقتصر على تحسينه واستغربه، واللّه أعلم؛ لأنه اختلف فيه على حماد، فروي عنه عن ثابت عن عمر بن أبي سلمة، وروي عنه عن ثابت عن ابن عمر بن أبي سلمة، عن أبيه عمر، عن أم سلمة، كما عند أحمد والنسائي وغيرهما، وابن عمر بن أبي سلمة مجهول.

<<  <  ج: ص:  >  >>