للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فدخلْتُ عليه، فأخبَرتُه أنِّي جِئْتُ أمسِ فسلَّمْتُ ثلاثًا ثم انصرَفْتُ. فقال: قد سمِعناكَ ونحنُ حينئذٍ على شُغلٍ، فلو استأذَنتَ حتى يُؤْذنَ لكَ؟ قال: استأذَنْتُ كما سمِعتُ رسولَ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. فقال: واللّه لأُوجِعَنَّ ظهْرَكَ وبطنَكَ، أو لتَأْتِيَنِّي بمَن يَشهَدُ لك على هذا. فقال أُبَيٌّ: واللّه لا يَقومُ معكَ إلَّا أحدَثُنا سِنًّا، الذي يُجِيبُكَ، قُمْ يا أبا سعيدٍ. فقُمْتُ حتى أتَيْتُ عمرَ، فقلتُ: قد سمِعتُ رسولَ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقولُ هذا (١).

قال ابنُ وَهْب: وقال مالك: الاستئذان ثلاث، لا أحبُّ أن يزيدَ أحدٌ عليها إلّا من عَلِمَ أنه لَمْ يَسْمعْ، فلا أرى بأسًا أن يزيد إذا استيقن أنه لَمْ يسمع. قال: وقال مالك: الاستئناس فيما نرى واللّه أعلم: الاستئذان (٢).

حدَّثني أحمدُ بنُ قاسمِ بنِ عيسى، قال: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ الله بنُ محمدٍ ببغدادَ، قال: حَدَّثَنَا عبدُ الله بنُ محمدٍ البَغَوِيُّ، قال (٣): حَدَّثَنَا عليُّ بنُ الجَعْدِ، قال: حَدَّثَنَا شعبةُ، عن سعيدٍ الجُرَيريِّ، سمِع أبا نضْرَةَ يُحَدِّثُ، عن أبي سعيدٍ الخدريِّ، قال: جاء أبو موسى، فاستَأذَن على عمرَ ثلاثًا، فلم يُؤذَنْ له، فرجَع، فقال عمرُ: لئِن لَمْ تأتِني ببيِّنَةٍ أو لأفعلنَّ بك. فأتَى الأنصارَ، فقال: ألسْتُم تَعلَمون أنَّ رسولَ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: "إذا استَأْذَن أحدُكم ثلاثًا، فلم يُؤذَنْ له فليَرْجِعْ". قال: فقالوا: لا يشهَدُ لك إلّا أصغرُنا. قال أبو سعيدٍ: فأتيتُه فشَهِدْتُ له.


(١) أخرجه مسلم (٢١٥٣) (٣٤)، والطحاوي في شرح مشكل الآثار ٤/ ٢٤٤ (١٥٧٨)، وابن حبَّان في صحيحه ١٣/ ١٢٧ (٥٨١٠)، وابن حزم في حجّة الوداع (٤٢٦)، والبيهقيّ في شعب الإيمان (٨٨١٧) من طرق عن عبد الله بن وهب المصريّ، به. سحنون: هو عبد السلام بن سعيد بن حبيب التَّنوخي، الفقيه المالكيّ المشهور.
(٢) ينظر: البيان والتحصيل ١٨/ ٤٧٠.
(٣) في الجعديات (١٤٦٩)، وأخرجه مسلم (٢١٥٣) (٣٥) من طريق شعبة بن الحجّاج، به.
سعيد الجُريري: هو ابن إياس، وأبو نضرة: هو المنذر بن مالك بن قُطَعة العَبْديّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>