للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأول ما نستشهدُ به رأي رفيقه ومُحِبّه العلامة أبي محمد عليّ بن أحمد بن حَزْم الأندلسي الظاهري (ت ٤٥٦ هـ)، والذي توثقت عُرى الأُلفة والصداقة والمحبة بينه وبين ابن عبد البر الذي بدأ حياته أثريًا ظاهريَّ الهَوَى، ثم تحوّل مالكيًا مع ميل ظاهر إلى فقه الإمام الشافعي في مسائل (١)، ومع ذلك لم تتأثر هذه العلاقة الحميمة، فكان ابن حَزْم ينقل عن ابن عبد البر في كتابه العظيم "المحلى" على الرغم من أنه توفي قبله (٢)، وقال عنه في رسالته في "فَضْل الأندلس وذكر رجالها" التي نقلها المَقّرِي في "نفح الطيب"، قال: "ومنها كتاب التَّمهيد لصاحبنا أبي عُمر يوسف بن عبد البر، وهو الآن بعدُ في الحياة لم يبلغ سن الشيخوخة، وهو كتاب لا أعلمُ في الكلام على فقه الحديث مثله أصلًا فكيف أحسن منه؟! ومنها كتاب الاستذكار وهو اختصار التمهيد المذكور. ولصاحبنا أبي عُمر بن عبد البر المذكور كُتُب لا مثيل لها: منها كتابه المسمى "الكافي في الفقه على مذهب مالك وأصحابه"، خمسة عَشَر كتابًا اقتصر فيه على ما بالمفتي الحاجة إليه، وبَوَّبه، وقَرَّبه، فصار مُغنيًا عن التصنيفات الطوال في معناه. ومنها: كتابه في الصحابة ليس لأحد من المتقدمين مثله على كثرة ما صنَّفوا في ذلك. . . إلخ" (٣).

وقال أبو عبد اللَّه محمد بن فُتُوح الحُميدي (ت ٤٨٨ هـ): "فقيه حافظ مُكثر، عالم بالقراءات، وبالخلاف في الفقه، وبعلوم الحديث والرجال، قديم السماع، كثير الشيوخ. . . وألَّف مما جمع تواليف نافعة سارت عنه. . . ومن مجموعاته كتاب "التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد" سبعون جزءًا، قال لنا أبو محمد علي بن أحمد: وهو كتاب لا أعلم في الكلام على فقه الحديث مثله فكيف أحسَنَ منه! " (٤).

وقال الحافظ الكبير أبو علي الحسين بن محمد بن أحمد الغسَّانيّ الجَيّانيّ (ت ٤٩٨ هـ): "لم يكن أحدٌ ببلدنا في الحديث مثل قاسم بن محمد وأحمد بن خالد


(١) سير أعلام النبلاء ١٨/ ١٥٧.
(٢) ينظر: المحلى ٤/ ٣٨٨، ٤٤٩ و ٦/ ١٢، ٢٢١، ٤٨٢ و ٧/ ٥٥، ٣١٩ و ٨/ ١٦٣، ٤٨٠، ٥٨٩، ٦٠٥ و ٩/ ١١٧،٣٥٧ و ١٠/ ٨٨، ٨٩، ٢٤٧ و ١٢/ ٤٨٢، ٥٠١ و ١٤/ ٢٥. . . إلخ (بتحقيقنا).
(٣) نفح الطيب ٣/ ١٦٩ - ١٧٠.
(٤) جذوة المقتبس (ص ٥٤٤ - ٥٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>